الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون أي: بالعذاب الذي كنت تتوعدهم به فيمترون فيه، ويكذبونك، قد قشروا العصا، وبينوا له عليه الصلاة والسلام جلية الأمر؟ فأنى يمكن أن يعتريه بعد ذلك المساءة، وضيق الذرع؟ وليست كلمة "بل" إضرابا عن موجب الخوف المذكور على معنى ما جئناك بما تنكرنا لأجله بل بما يسرك وتقر به عينك ، بل هي إضراب عما فهمه عليه الصلاة والسلام من ترك النصرة له. والمعنى: ما خذلناك، وما خلينا بينك وبينهم بل جئناك بما يدمرهم من العذاب الذي كانوا يكذبونك حين كنت تتوعدهم به. ولعل تقديم هذه المقاولة على ما جرى بينه وبين أهل المدينة من المجادلة للمسارعة إلى ذكر بشارة لوط عليه الصلاة والسلام بإهلاك [ ص: 84 ] قومه، وتنجية آله عقيب ذكر بشارة إبراهيم عليه الصلاة والسلام بهما، وحيث كان مستدعيا لبيان كيفية النجاة، وترتيب مبادئها أشير إلى ذلك إجمالا، ثم ذكر ما فعل القوم، وما فعل بهم. ولم يبال بتغيير الترتيب الوقوعي ثقة بمراعاته في مواقع أخر، ونسبة المجيء بالعذاب إليه عليه الصلاة والسلام مع أنه نازل بالقوم بطريق تفويض أمره إليه لا بطريق نزوله عليه كأنهم جاءوه، وفوضوا أمره إليه ليرسله عليهم حسبما كان يتوعدهم به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية