الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وفاسد مثل أن يشترط ما يعود بجهالة الربح ، أو ضمان المال ، أو أن عليه من الوضيعة أكثر من قدر ماله ، أو أن يوليه ما يختار من السلع ، أو يرتفق بها ، أو لا يفسخ الشركة مدة بعينها ، فما يعود بجهالة الربح يفسد به العقد ، ويخرج في سائرها روايتان ، وإذا فسد العقد قسم الربح على قدر المالين ، وهل يرجع أحدهما بأجرة عمله ؛ على وجهين

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وفاسد مثل أن يشترط ما يعود بجهالة الربح ) كما لو شرط ربح أحد الكيسين ، أو الألفين ، أو جزءا مجهولا كنصيب ، لأنه يفضي إلى جهل حق كل واحد من الربح ، أو إلى فواته حيث شرط دراهم معلومة ( أو ضمان المال ) لمنافاته مقتضى العقد ( أو أن عليه من الوضيعة أكثر من قدر ماله ) للمنافاة ( أو أن يوليه ما يختار من السلع ) إذ لا مصلحة للعقد فيه ، أشبه ما لو شرط ما ينافيه .

                                                                                                                          مسألة : إذا شرط أحدهما على الآخر متى باعه فهو أحق به من غيره ، فقال أحمد : أحب إلي أن يفي بشرطه ، وقال ابن عقيل ، وذكره في " الشرح " وغيره أنه شرط باطل ; لأنه يقطع إطلاق تصرف الشريك الآخر ، وظاهر كلام أحمد خلافه ( أو يرتفق بها ) كلبسه الثوب ، واستخدامه العبد ( أو لا يفسخ الشركة مدة بعينها ) لأنها عقد جائز ، فاشتراط لزومها ينافي مقتضاها كالوكالة مع أنه يصح توقيتها كالوكالة ، نص عليه ( فما يعود بجهالة الربح يفسد به [ ص: 16 ] العقد ) لأن الفساد لمعنى في العوض المعقود عليه فأفسد العقد كما لو جعل رأس المال خمرا ، ولأن الجهالة تمنع من التسليم فيفضي إلى التنازع ( ويخرج في سائرها ) أي باقيها ( روايتان ) المنصوص عنه أن العقد صحيح ، ويلغو الشرط ; لأنه عقد على مجهول فلم تبطله الشروط الفاسدة كالنكاح ، والثانية : يبطل ، وذكره في " المحرر " تخريجا ; لأنه شرط فاسد فأبطل العقد كالمزارعة إذا شرط البذر من العامل ، وكالشروط الفاسدة في البيع ، ولأنه إنما رضي بالعقد بهذا الشرط ، فإذا فسد فات الرضا به .

                                                                                                                          ( وإذا فسد العقد قسم الربح على قدر المالين ) لأن التصرف صحيح لكونه بإذن مالكه ، والربح نماء المال ، فربح المضاربة للمالك ، وعليه أجرة مثل العامل مطلقا ، والعنان والوجوه على قدر المالين ، والأبدان تقسم أجرة ما تحملاه بالسوية ، والوضيعة بقدر المالين ، وظاهره أنه إذا لم تفسد فإن الربح يقسم بينهما على ما شرطاه كرواية في الفاسد ( وهل يرجع أحدهما بأجرة عمله ؛ ) أي نصف عمله ( على وجهين ) كذا في " المحرر " أحدهما : لا رجوع ، جزم به في " الوجيز " ، وصححه في شرح " المحرر " لأنهما عملا لأنفسهما فلا يرجع أحدهما على الآخر بما لم يعمل له فعليه يقتسمان الربح على ما شرطاه ; لأنه عقد يجوز أن يكون عوضه مجهولا فوجب المسمى في فاسده كالنكاح ، والثاني : يرجع ، جزم به في " الكافي " وهو الأصح ; لأنه عمل في نصيب شريكه ، فيرجع به ; لأنه عقد ينبغي الفصل فيه في ثاني الحال ، فوجب أن يقابل العمل فيه عوض كالمضاربة ، فإن تساوى عملهما تقاص الدينان ، وإن فضل أحدهما تقاص دين [ ص: 17 ] القليل بمثله ، ويرجع على الآخر بالفضل ، وقال ابن حمدان : إن قسم الربح على قدرهما رجع ، وإلا فلا ، وقال القاضي : إن فسد العقد لجهل الربح فكذلك ، وإن فسد لغيره وجب المسمى فيه كالصحيح ; لأنه عقد يصح مع جهل العوض ، فوجب المسمى فيه مع فساده كالنكاح .

                                                                                                                          فرع : إذا مات أحدهما ، فلوارثه إتمام الشركة ، فيأذن كل منهما للآخر في التصرف ، وقيل : إن كان المال عرضا جدد عقدا ، وله المطالبة بالقسمة ، فإن كان على الميت دين تعلق بتركته ، وليس للوارث الشركة فيه حتى يقضي دينه ، فإن قضاه من غير مال الشركة فله إتمامها ، وإن قضاه منها بطلت في قدر ما مضى .

                                                                                                                          تنبيه : كل عقد فاسد من أمانة وتبرع بمضاربة ، وشركة ، ووكالة ، ووديعة ، كصحيح في ضمان وعدمه ، وكل عقد لازم يجب الضمان في صحيحه يجب في فاسده كبيع ، وإجارة ، ونكاح .




                                                                                                                          الخدمات العلمية