الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت ترجمة ما مضى : ثم هم يعدلون بربهم غيره ويكذبونك فيما جئت به من الحق مع ما أوضحت عليه من الحجج ونصبت من الدلائل ، وكان - صلى الله عليه وسلم - شديد الحرص على إيمانهم ، كان المقام يقتضي أن يقول لسان الحال : أنزل عليهم يا رب ما ينتقلون به من النظر بالفكر إلى العيان كما اقترحوا علي ، فأخبره أنهم لا يؤمنون بذلك ، بقوله عطفا على وما تأتيهم من آية تحقيقا له وتصويرا في جريته : ولو نـزلنا أي : على ما لنا من العظمة عليك كتابا أي : مكتوبا من السماء [ ص: 25 ] في قرطاس أي : ورق ، إجابة لما أشار عليهم اليهود باقتراحه ، ثم حقق أنه واضح الأمر ، ليس بخيال ولا فيه نوع لبس بقوله : فلمسوه أي : زيادة على الرؤية . وزاد في التحقيق والتصوير ودفع التجوز بقوله : بأيديهم لقال وأظهر ولم يضمر تعليقا للحكم بالوصف وتنبيها على أن من الموجودين من يسكت ويؤمن ولو بعد ذلك ، فقال : الذين كفروا أي : حكما بتأبد كفرهم سترا للآيات عنادا ومكابرة ، ولعله أسقط منهم إشارة إلى عموم دعوته ، أي : من العرب ومن غيرهم من أمة دعوتك ، ولا سيما اليهود المشار إلى تعنتهم وكذبهم بقوله يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا من السماء إن أي : ما هذا إلا سحر أي : تمويه وخيال لا حقيقة له ، وزادوا في الوقاحة فقالوا : مبين أي : واضح ظاهر ، قال صاحب كتاب (الزينة) : معنى السحر في كلام العرب التعليل بالشيء والمدافعة به والتعزير بشيء لا محصول له ، يقال : سحره - إذا علله وعزره وشبه عليه حتى لا يدري من أين يتوجه ويقلب عن وجهه ، فكأن السحرة يعللون الناس بالباطل ويشبهون الباطل في صورة الحق ويقلبونه عن جهته .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية