الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3463 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث قال الناس سبحان الله قال النبي صلى الله عليه وسلم فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثامن حديث أبي هريرة في قصة الذئب الذي كلم الراعي ، وفي قصة البقرة التي كلمت من حملها ، وقد تقدم الكلام على ما في إسناده في ذكر بني إسرائيل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب ) الحديث لم أقف على اسم هذا الراعي ، وقد أورد المصنف الحديث في ذكر بني إسرائيل ، وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام ، وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصة ، فروى أبو نعيم في " الدلائل " من طريق ربيعة بن أوس عن أنيس بن عمرو عن أهبان بن أوس قال : " كنت في غنم لي ، فشد الذئب على شاة منها ، فصحت عليه فأقعى الذئب على ذنبه يخاطبني وقال : من لها يوم تشتغل عنها ؟ تمنعني رزقا رزقنيه الله تعالى . فصفقت بيدي وقلت : والله ما رأيت شيئا أعجب من هذا ، فقال : أعجب من هذا ، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين هذه النخلات يدعو إلى الله ، قال فأتى أهبان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره وأسلم " فيحتمل أن يكون أهبان لما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك كان أبو بكر وعمر حاضرين ، ثم أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وأبو بكر وعمر غائبين ، فلذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر وقد تقدمت هذه الزيادة في هذه القصة من وجه آخر عن أبي سلمة في المزارعة وفيه : " قال أبو سلمة : وما هما يومئذ في القوم " أي عند حكاية النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك . ويحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لما اطلع عليه من غلبة صدق إيمانهما وقوة يقينهما ، وهذا أليق بدخوله في مناقبهما .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يوم السبع ) قال عياض : يجوز ضم الموحدة وسكونها ، إلا أن الرواية بالضم . وقال الحربي : هو بالضم والسكون وجزم بأن المراد به الحيوان المعروف ، وقال ابن العربي : هو بالإسكان ، والضم تصحيف . كذا قال ، وقال ابن الجوزي : هو بالسكون والمحدثون يروونه بالضم وعلى هذا - أي الضم - فالمعنى إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها منه فلا يرعاها حينئذ غيري ، أي إنك تهرب منه وأكون أنا قريبا منه أرعى ما يفضل لي منها . وقال الداودي : معناه من لها يوم يطرقها السبع - أي الأسد - فتفر أنت منه فيأخذ منها حاجته وأتخلف أنا لا راعي لها حينئذ غيري ، وقيل : إنما يكون ذلك عند الاشتغال بالفتن فتصير الغنم هملا فتنهبها السباع فيصير الذئب كالراعي لها لانفراده بها .

                                                                                                                                                                                                        وأما بالسكون فاختلف في المراد به فقيل : هو اسم الموضع الذي يقع فيه الحشر يوم القيامة ، وهذا نقله الأزهري في " تهذيب اللغة " عن ابن الأعرابي ، ويؤيده أنه وقع في بعض طرقه عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة " يوم القيامة " وقد تعقب هذا بأن الذئب حينئذ لا يكون راعيا للغنم ولا تعلق له بها ، وقيل : هو اسم يوم عيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون فيه باللهو واللعب فيغفل الراعي عن غنمه فيتمكن الذئب من الغنم ، وإنما قال : " ليس لها راع غيري " مبالغة في تمكنه منها ، وهذا نقله الإسماعيلي [ ص: 34 ] عن أبي عبيدة ، وقيل : هو من سبعت الرجل إذا ذعرته ، أي من لها يوم الفزع ؟ أو من أسبعته : إذا أهملته ، أي من لها يوم الإهمال . قال الأصمعي : السبع الهمل ، وأسبع الرجل أغنامه إذا تركها تصنع ما تشاء ، ورجح هذا القول النووي . وقيل : يوم الأكل ، يقال : سبع الذئب الشاة إذا أكلها . وحكى صاحب " المطالع " أنه روي بسكون التحتانية آخر الحروف وفسره بيوم الضياع ، يقال أسيعت وأضيعت بمعنى ، وهذا نقله ابن دحية عن إسماعيل القاضي عن علي ابن المديني عن معمر بن المثنى ، وقيل : المراد بيوم السبع يوم الشدة كما روي عن ابن عباس أنه سئل عن مسألة فقال : أجرأ من سبع ، يريد أنها من المسائل الشداد التي يشتد فيها الخطب على المفتي ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبينما رجل يسوق بقرة ) تقدم الكلام عليه في المزارعة ، ووقع عند ابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في آخره في القصتين " فقال الناس آمنا بما آمن به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وفي الحديث جواز التعجب من خوارق العادات ، وتفاوت الناس في المعارف .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية