الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2750 حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ومحمود بن خالد الدمشقيان المعنى قالا حدثنا مروان بن محمد قال حدثنا يحيى بن حمزة قال سمعت أبا وهب يقول سمعت مكحولا يقول كنت عبدا بمصر لامرأة من بني هذيل فأعتقتني فما خرجت من مصر وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى ثم أتيت الحجاز فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى ثم أتيت العراق فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى ثم أتيت الشام فغربلتها كل ذلك أسأل عن النفل فلم أجد أحدا يخبرني فيه بشيء حتى لقيت شيخا يقال له زياد بن جارية التميمي فقلت له هل سمعت في النفل شيئا قال نعم سمعت حبيب بن مسلمة الفهري يقول شهدت النبي صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البدأة والثلث في الرجعة [ ص: 336 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 336 ] ( فما خرجت من مصر وبها علم ) : من الكتاب والسنة ( إلا حويت ) : بصيغة المتكلم ( عليه ) : أي على العلم أي ما تركت بمصر علما إلا أخذته .

                                                                      قال في النهاية : يقال حويت الشيء إذا جمعته ( ثم أتيت الحجاز ) : أي مكة والمدينة والطائف واليمن وغيرها ( ثم أتيت العراق ) : أي الكوفة والبصرة والبغداد وغيرها ( فيما أرى ) : بضم الهمزة أي في ظني ( فغربلتها ) : أي كشفت حال من بها كأنه جعلهم في غربال ففرق بين الجيد والرديء قاله في النهاية ( نفل الربع في البدأة إلخ ) : قال الخطابي : رواية عن ابن المنذر إنه صلى الله عليه وسلم إنما فرق بين البدأة والقفول حين فضل أحد العطيتين على الأخرى لقوة الظهر عند دخولهم وضعفه عند خروجهم ولأنهم وهم داخلون أنشط وأشهى للسير والإمعان في بلاد العدو وأجم .

                                                                      وهم عند القفول يضعف دوابهم وأبدانهم ، وهم أشهى للرجوع إلى أوطانهم وأهاليهم لطول عهدهم بهم وحبهم للرجوع فيرى أنه زادهم في القفول لهذه العلل قال الخطابي : كلام ابن المنذر هذا ليس بالبين لأن فحواه يوهم أن الرجعة هي القفول إلى أوطانهم وليس هو معنى الحديث ، والبدأة إنما هي ابتداء السفر للغزو وإذا نهضت سرية من جملة العسكر فإذا وقعت بطائفة من العدو فما غنموا كان لهم فيه الربع وتشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه فإن قفلوا من الغزوة ثم رجعوا فأوقعوا بالعدو ثانية كان لهم مما غنموا الثلث ، لأن نهوضهم بعد القفل أشد لكون العدو على حذر وحزم انتهى .

                                                                      قال في السبل : وما قاله الخطابي هو الأقرب .

                                                                      وقال ابن الأثير : أراد بالبدأة ابتداء الغزو ، وبالرجعة القفول منه ، والمعنى كان إذا [ ص: 337 ] نهضت سرية من جملة العسكر المقبل على العدو فأوقعت بهم نفلها الربع مما غنمت ، وإذا فعلت ذلك عند عود العسكر نفلها الثلث ، لأن الكرة الثانية أشق عليهم والخطر فيها أعظم ، وذلك لقوة الظهر عند دخولهم وضعفه عند خروجهم وهم في الأول أنشط وأشهى للسير والإمعان في بلاد العدو وهم عند القفول أضعف وأفتر وأشهى للرجوع إلى أوطانهم فزادهم لذلك انتهى قال المنذري : أنكر بعضهم أن يكون لحبيب هذا صحبة وأثبتها له غير واحد ، وقد قال في حديثه هذا شهدت النبي صلى الله عليه وسلم كنيته أبو عبد الرحمن وكان يسمى حبيب الروم لكثرة مجاهدته الروم وأخرجه ابن ماجه بمعناه .

                                                                      159 - باب في السرية ترد




                                                                      الخدمات العلمية