الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدرس الطب ولا توجد لدي رغبة في هذا التخصص

السؤال

أدرس الطب -سنة ثالثة-، منذ صغري وأنا أقول سأصير طبيبة، ظناً مني أني أحب الطب، لكني منذ دخلت الكلية وأنا أحاول تغيير التخصص، لكن لم أغيره خوفاً من أهلي أن يوقفوني عن الدراسة كلياً.

الآن في عامي الثالث لم تعد لدي رغبة كلياً في الدراسة، وزاد كرهي لتخصص الطب، حيث أكره الاطلاع على العورات، سواء في الدروس أو في الواقع، وأجد في ذلك إثارة للشهوة لدي، ولا أفكر في العمل مستقبلاً أساساً، فإن تزوجت لا أريد أن أعمل، خاصة أن هذا العمل يحتاج إلى المبيت في المستشفى، وأرى معاناة بعض الأخوات مع أسرهم وعدم قدرتهم على المكوث مع أطفالهم.

الآن أنا مهملة لدراستي ومستواي فيها منخفض للغاية، وكأني لم أتعلم شيئاً منها، والطب يحتاج لدراسة مكثفة، وجهد كبير، ولا أجد نفسي كفؤة لذلك، حيث تمر علي أيام وأيام دون أن أفتح الكتاب أو أدرس.

لا رغبة لدي في الدراسة، وأخاف أن أتلاعب بأرواح الناس مستقبلاً، أو أن أكسب مالاً حراماً، لأني لا أتعب ولا أتقن العمل، هذا إن قدر الله لي أن أنجح وأنتقل وأكمل أعوامي الدراسية المتبقية.

أريد أن أوقف الدراسة نهائياً، وأتفرغ لدراسة أمور الدين في البيت عبر الإنترنت، ولا أريد أن أدرس في الجامعة، لكن أهلي لا يرضون بذلك، ويغضبون كلما حدثتهم في أمر التوقف، حتى إن أمي قالت لي إنها ستغضب علي إن فعلت ذلك، وأختي قالت لن تسامحني.

رغبتي في الدراسة صارت شبه معدومة، ورسبت في كل الامتحانات التي اجتزناها، ويوم الخميس من هذا الأسبوع لدي امتحانان، لكن يمكن القول بأني لم أبدأ الدراسة بعد، ولا أجد الدافع لذلك.

أنا مقيمة لدراسة الطب في ولاية غير ولاية أهلي، والآن أشعر أني أخون الأمانة، فأبي يصرف علي ويظن أني أدرس جيداً، لكني لا أفعل، ولا أريد أن أكلفه أكثر من ذلك دون فائدة.

ما نصيحتكم لي؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

مسألة اختيار التخصص الدراسي ترتبط بمستقبلك أنت وحياتك المهنية، كما ترتبط بقدراتك وميولك واهتماماتك، ولا بد أن تكون الأسرة على قدر من الوعي بهذا الأمر المهم، فقد تتجه الكثير من الأسر للتفاخر بتخصصات أبنائهم بهدف التفاخر والمكانة الاجتماعية، دون النظر في اعتبارات أخرى تتعلق بحب وميول واستعداد أبنائهم، وهذا لا شك خطأ تربوي كبير، وله انعكاسات كثيرة سلبية على مستقبل الأبناء النفسي والمهني والمهاري، كما هو واضح في سؤالك.

لذلك -أختي الفاضلة- عليك بالاجتهاد في الوسائل التي تقنعين بها والدك وأسرتك بتغيير التخصص، ومن تلك الوسائل:

أولاً: المصارحة والوضوح بعدم الرغبة والميول والاستعداد لهذا التخصص، وشرح ما يترتب على ذلك، وما تمرين به من تعثر دراسي بسبب ذلك، الشرح المباشر للأهل يساعد في فهمهم لمدى الضغط الكبير الذي يقع عليك، ويمكن استخدام من ترينه مناسباً لذلك، ممن له مكانة واحترام عند أسرتك.

ثانياً: تقديم البديل المناسب، وتوضيح الجوانب المشرقة والمتميزة في هذا البديل، كإبراز الشخصيات التي تفوقت فيه ولها مكانة عظيمة في المجتمع ونحوه.

ثالثاً: في الحالات الضيقة يمكن إشراك الجامعة أو الجهة التعليمية في إقناع الأهل عبر المرشد الأكاديمي مثلاً، أو أي شخصية يمكن أن تشرح وضعك لأسرتك، وهذا الحل له تأثير كبير كونه يأتي من الجامعة ذاتها.

رابعاً: حسن العرض والتوضيح للتخصص البديل، إما عن طريقك أنت أو عبر شخصية أكاديمية متخصصة، يمكن أن توضح مميزات ومجالات هذا التخصص البديل لعائلتك.

خامساً: تقديم إثباتات لتميزك في التخصص البديل، إما بشهادة المعلمين أو نتائج تفوق ملموس وهكذا.

أختي الفاضلة: لا بد أن تجتهدي في إقناع والديك في تغيير التخصص، خصوصاً أن والدك قد أنفق عليك المال الكثير، فإن لم يحدث ذلك فعليك أن تستعيني بالله وتقبلي بالاستمرار في هذا التخصص طاعة للوالدين، وتحاولي الجمع بين هذا التخصص والعلم الشرعي، فالأمة بحاجة إلى طبيبات مسلمات ملتزمات، ولعل الله أن ينفع بك فيه، والله يقول: (وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، كما ننصحك أن لا تنسي الاستخارة والدعاء أن يختار الله لك الخير، ويوفقك له، ويبارك لك فيه، ويعينك عليه.

وفقك الله وسددك للخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً