( 3274 ) فصل : ، أحدها ، أن يقع بعد الحق ، فيصح بالإجماع ; لأنه دين ثابت تدعو الحاجة إلى أخذ الوثيقة به ، فجاز أخذها به كالضمان ، ولأن الله تعالى قال : { ولا يخلو الرهن من ثلاثة أحوال وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة } . فجعله بدلا عن الكتابة ، فيكون في محلها ، ومحلها بعد وجوب الحق ، وفي الآية ما يدل على ذلك ، وهو قوله : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } . فجعله جزاء للمداينة [ ص: 216 ] مذكورا بعدها بفاء التعقيب
الحال الثاني ، أن يقع الرهن مع العقد الموجب للدين ، فيقول : بعتك ثوبي هذا بعشرة إلى شهر ، ترهنني بها عبدك سعدا . فيقول : قبلت ذلك . فيصح أيضا . وبه قال ، مالك ، وأصحاب الرأي ; لأن الحاجة داعية إلى ثبوته ، فإنه لو لم يعقده مع ثبوت الحق ، ويشترط فيه ، لم يتمكن من إلزام المشتري عقده ، وكانت الخيرة إلى المشتري ، والظاهر أنه لا يبذله ، فتفوت الوثيقة بالحق . والشافعي
الحال الثالث ، أن يرهنه قبل الحق ، فيقول : رهنتك عبدي هذا بعشرة تقرضنيها . فلا يصح في ظاهر المذهب . وهو اختيار أبي بكر . وذكر القاضي : أن والقاضي نص عليه ، في رواية أحمد ابن منصور . وهو مذهب . واختار الشافعي أنه يصح . أبو الخطاب
فمتى قال : رهنتك ثوبي هذا بعشرة تقرضنيها غدا . وسلمه إليه ، ثم أقرضه الدراهم ، لزم الرهن . وهو مذهب مالك ; لأنه وثيقة بحق ، فجاز عقدها قبل وجوبه ، كالضمان ، أو فجاز انعقادها على شيء يحدث في المستقبل ، كضمان الدرك . وأبي حنيفة
ولنا ، أنه وثيقة بحق لا يلزم قبله ، فلم تصح قبله كالشهادة ، ولأن الرهن تابع للحق ، فلا يسبقه ، كالشهادة ، والثمن لا يتقدم البيع . وأما الضمان فيحتمل أن يمنع صحته ، وإن سلمنا فالفرق بينهما أن الضمان التزام مال تبرعا بالقول ، فجاز من غير حق ثابت ، كالنذر ، بخلاف الرهن .