الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3323 ) فصل : فإن ادعى العدل دفع الثمن إلى المرتهن ، فأنكر ، فقال القاضي وأبو الخطاب يقبل قوله في حق الراهن ، ولا يقبل في حق المرتهن . وهو مذهب الشافعي لأن العدل وكيل الراهن في دفع الدين إلى المرتهن ، وليس بوكيل للمرتهن في ذلك ، إنما هو وكيله في الحفظ فقط ، فلم يقبل قوله عليه فيما ليس بوكيل له فيه ، كما لو وكل رجلا في قضاء دين ، فادعى أنه سلمه إلى صاحب الدين .

                                                                                                                                            وقال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في رءوس مسائلهما : يقبل قوله على المرتهن في إسقاط الضمان عن نفسه ، ولا يقبل في إيجاب الضمان على غيره . وهذا مذهب أبي حنيفة لأنه أمين ، فقبل قوله في إسقاط الضمان عن نفسه ، كالمودع يدعي رد الوديعة . فعلى هذا ، إذا حلف العدل له ، سقط الضمان عنه ، ولم يثبت عن المرتهن أنه قبضه . وعلى القول الأول يحلف [ ص: 234 ] المرتهن ، ويرجع على من شاء منهما ، فإن رجع على العدل ، لم يرجع العدل على الراهن ; لأنه يقول : ظلمني وأخذ مني بغير حق

                                                                                                                                            فلم يرجع على الراهن ، كما لو غصبه مالا آخر ، فإن رجع على الراهن ، فهل يرجع الراهن على العدل ؟ نظرت ; فإن كان دفعه إلى المرتهن بحضرة الراهن أو ببينة ، فماتت أو غابت ، لم يرجع عليه ; لأنه أمين ولم يفرط في القضاء ، وإن دفعه إليه بغير بينة في غيبة الراهن ، ففيه روايتان : إحداهما ، يرجع الراهن عليه ; لأنه مفرط في القضاء بغير بينة ، فلزمه الضمان ، كما لو تلف الرهن بتفريطه ، ويحتمل أن يكون هذا معنى قول الخرقي ومن أمر رجلا أن يدفع إلى رجل مالا ، وادعى أنه دفعه إليه ، لم يقبل قوله على الآمر إلا ببينة

                                                                                                                                            والرواية الثانية ، لا يرجع الراهن عليه ; لأنه أمين في حقه ، سواء صدقه في القضاء أو كذبه ، إلا أنه إن كذبه فله عليه اليمين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية