( مشهور ) وفيه أحاديث صحيحة بألفاظ مختلفة اختار وأكمل التشهد منها تشهد الشافعي لتأخره وقوله { ابن عباس } ولزيادة المباركات فيه فهو أوفق بقوله تعالى { أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم إياه كما يعلمهم السورة من القرآن تحية من عند الله مباركة طيبة } وهو التحيات أي كل ما يحيا به من الثناء والمدح بالملك والعظمة وجمعت لأن كل ملك من ملوك الدنيا كان له تحية مخصوصة فجعل ذلك كله لله تعالى بطريق الاستحقاق الذاتي دون غيره المباركات [ ص: 82 ] أي الناميات الصلوات أي الخمس ، وقيل أعم الطيبات أي الصالحات للثناء على الله تعالى وحكمة ترك العاطف هنا مرت أول الكتاب لله السلام أي السلامة من الآفات عليك خوطب إشارة إلى أنه الواسطة العظمى الذي لا يمكن دخول حضرة القرب إلا بدلالته وحضوره وإلى أنه أكبر الخلفاء عن الله فكان خطابه كخطابه أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أي جمع صالح وهو القائم بحقوق الله وحقوق عباده من الملائكة ومؤمني الإنس والجن أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ولا يسن أوله بسم الله وبالله قيل والخبر فيه ضعيف واعترض ولا يجب ترتيبه بشرط أن لا يتغير معناه وإلا بطلت صلاته إن تعمده [ ص: 83 ] وصرح في التتمة بوجوب موالاته وسكتوا عليه وفيه ما فيه ( التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن وأقله محمدا رسول الله ) لورود إسقاط المباركات بل صحته قال في المجموع ولو ورد إسقاط الصلوات قال غيره والطيبات وردا بأنه لم يرد إسقاطهما كما صرح به الرافعي وعلله بأنهما تابعان للتحيات واستفيد من المتن أن الأفضل تعريف السلام وأنه لا يجوز إبدال لفظ من هذا الأقل ولو بمرادفه كالنبي بالرسول وعكسه ومحمد بأحمد أو غيره ، وكذا في سلام التحلل .
ويفرق بينهما وبين ما يأتي في محمد في الصلاة عليه بأن ألفاظها الواردة كثر اختلاف الروايات فيها فدل على عدم التعبد بلفظ محمد فيها لا يقال قياسه أن لفظ الصلاة عليه لا يتعين لأنا نقول إنما تتعين لما فيها من الخصوصية التي لا توجد في مرادفها ومن ثم اختص بها الأنبياء صلى الله عليهم وسلم ، وقضية كلام الأنوار أنه يراعى هنا التشديد وعدم الإبدال وغيرهما نظير ما مر في الفاتحة نعم النبي فيه لغتان الهمز والتشديد فيجوز كل منهما لا تركهما معا لأن فيه إسقاط حرف بخلاف حذف تنوين سلام [ ص: 84 ] فإنه مجرد لحن غير مغير للمعنى ويؤخذ مما تقرر في التشديد أنه لو أظهر النون المدغمة في اللازم في أن لا إله أبطل لتركه شدة منه نظير ما مر في الرحمن بإظهار أل فزعم عدم إبطاله لأنه لحن لا يغير المعنى ممنوع لأن محل ذلك حيث لم يكن فيه ترك حرف والشدة بمنزلة الحرف كما صرحوا به نعم لا يبعد عذر الجاهل بذلك لمزيد خفائه ووقع لابن كبن أن فتحة لام رسول الله من عارف متعمد حرام مبطل ومن جاهل حرام غير مبطل إن لم يمكنه التعلم وإلا أبطل ا هـ . وليس في محله لأنه ليس فيه تغيير للمعنى فلا حرمة ولو مع العلم والتعمد فضلا عن البطلان ، نعم إن نوى العالم الوصفية ولم يضمر خبرا أبطل لفساد المعنى حينئذ ( وقيل يحذف وبركاته ) لإغناء السلام عنه ( و ) قيل يحذف ( الصالحين ) [ ص: 85 ] لإغناء إضافة العباد إلى الله عنه ويرد بصحة الخبر به مع أن المقام مقام إطناب فلا ينظر لما ذكر ( ويقول ) جوازا ( وأن محمدا رسوله قلت الأصح ) أنه لا يجوز له أن يقول ذلك ولا يجب عليه إعادة لفظ أشهد فيقول ( وأن محمدا رسول الله وثبت ) ذلك ( في صحيح والله أعلم ) لكن بلفظ { مسلم محمدا عبده ورسوله } فالمراد إسقاط لفظة أشهد . والحاصل أنه يكفي { محمدا عبده ورسوله } رواه وأشهد أن الشيخان { وأشهد أن محمدا رسول الله وأن محمدا عبده ورسوله } رواهما مسلم
ويكفي أيضا وأن محمدا رسول الله وإن لم يرد لأنه ورد إسقاط لفظ أشهد والإضافة للظاهر تقوم مقام زيادة عبد لا وأن محمدا رسوله خلافا لما في أصل الروضة أيضا على ما يأتي لأنه لم يرد وليس فيه ما يقوم مقام زيادة العبد وزعم الأذرعي أن الصواب إجزاؤه لثبوته في خبر بلفظ عبده ورسوله يرد بأن هنا ما قام مقام المحذوف وهو لفظ عبد ولا كذلك في ذاك ولا ينافيه أن التعبد غالب على ألفاظ التشهد ومن ثم لم يجز إبدال لفظ من ألفاظه السابقة بمرادفه كما مر لأن تغاير الصيغ الواردة هنا اقتضى أن يقاس بها ما في معناها لا غيره فلا يقاس وأن ابن مسعود محمدا رسوله على الثابت وهو وأن محمدا عبده ورسوله ويتردد النظر في وأشهد أن محمدا رسوله وظاهر المتن وغيره إجزاؤه ووقع في الرافعي { أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في تشهده وأشهد أني رسول الله } وردوه بأن الأصح خلافه ، نعم إن أراد تشهد الأذان صح لأنه صلى الله عليه وسلم أذن مرة في سفر فقال ذلك
( تنبيه ) علم مما قررته أن الرافعي في المحرر وأصل الروضة على ما تقتضيه عبارته قائل بجواز : وأن محمدا رسوله فلذا استدرك عليه المصنف بما أفهم منعه ووقع للشارح خلاف هذا التقرير وهو صحيح في نفسه لكن يلزم عليه أن قوله قلت إلخ زيادة محضة وكان سببه أنه ثبت عنده أن الرافعي لا يقول بجواز ذلك وهو المنقول عن الشرحين والمحرر .