لإضراره بالحاضرين مع تقصير المتأخرين بعدم المبادرة ، وإن كان المسجد بمحل عادتهم يأتونه أفواجا واعترض بأن في أحاديث صحيحة { ( ويكره ) للإمام ( التطويل ) ، وإن كان ( ليلحق ) هـ ( آخرون ) } قيل فلتستثن الأولى من إطلاقهم ما لم يبالغ في تطويلها . ا هـ . والذي دل عليه كلامهم ندب تطويلها على الثانية لكن لا بهذا القصد بل لكون النشاط فيها أكثر والوسوسة أقل ، ومن صرح بأن من حكمة تطويل الإمام أن يدركها قاصد الجماعة [ ص: 259 ] مراده أن هذا من فوائدها لا أنه يقصد تطويلها لذلك وقول الراوي { أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل الأولى ليدركها الناس كي يدركها الناس } تعبير عما فهمه لا عن أنه صلى الله عليه وسلم قصد ذلك فالحق ما قالوه قيل إنما جزموا هنا بالكراهة وحكوا الخلاف في المسألة عقبها ؛ لأن تلك فيمن دخل وعرف به الإمام بخلاف هذه . ا هـ .
وهو بعيد إذ معرفته إن أريد بها معرفة ذاته تقتضي زيادة الكراهة ومن ثم كان الأكثرون عليها فيما يأتي ؛ لأن فيه تشريكا ولو قصد به التودد إليه كان حراما على ما يأتي أو الإحساس بدخوله لم يكن ذلك بمجرده كافيا في الفرق فالوجه الفرق بأن الداخل ثم تأكد حقه بلحوقه فيما يتوقف انتظاره فيه على إدراك الركعة أو الجماعة فعذر بانتظاره بخلافه هنا إذ الخلاف ، والتفصيل الآتي إنما يأتي فيه ، وأما منفرد أحس بداخل يريد الاقتداء به فينتظره ولو مع نحو تطويل إذ ليس ثم من يتضرر بتطويله ويؤخذ منه أن إمام الراضين بشروطهم المذكورة كذلك وهو متجه نعم لا بد هنا أن يسوي بينهم في الانتظار لله أيضا ( في الركوع ) الذي تدرك به الركعة ( أو التشهد الأخير بداخل ) إلى محل الصلاة يريد الاقتداء به لم يكره انتظاره في الأظهر لعذره بإدراكه الركعة أو الجماعة [ ص: 260 ] وخرج بفرضه الكلام في انتظاره في الصلاة انتظاره قبلها بأن أقيمت ، فإن الانتظار حينئذ يحرم اتفاقا كما حكاه ( ولو أحس ) الإمام الماوردي والإمام وأقره ابن الرفعة وغيره لكنهما عبرا بلم يحل وظاهره ذلك إلا أنه يشكل ؛ لأنهم بسبيل من الصلاة بدونه على أنه يمكن حمل لم يحل على نفي الحل المستوي الطرفين ثم رأيت بعضهم صرح بالكراهة وهو يؤيد ما ذكرته .
هذا ( إن لم يبالغ فيه ) أي الانتظار وإلا بأن كان لو وزع على جميع أفعال الصلاة لظهر له أثر محسوس في كل على انفراده كره ولو لحق آخر في ذلك الركوع أو ركوع آخر وانتظاره وحده لا مبالغة فيه بل مع ضمه للأول كره أيضا عند الإمام ( ولم يفرق ) بضم الراء ( بين الداخلين ) بانتظار بعضهم لنحو ملازمة أو دين أو صداقة دون بعض بل يسوي بينهم في الانتظار لله تعالى بنفع الآدمي ، فإن ميز بعضهم ولو لنحو علم أو شرف وأبوة أو انتظرهم كلهم لا لله بل للتودد إليهم كره وقال الفوراني يحرم للتودد وفي الكفاية تفريعا على الاستحباب الآتي إن قصد بانتظاره غير وجه الله تعالى بأن كان يميز في انتظاره بين داخل وداخل لم يصح قولا واحدا لكن اعترضه ابن العماد بأنه سبق قلم من لم يستحب إلى لم يصح ؛ لأنه حكى بعد في البطلان قولين وخرج بداخل من أحس به قبل شروعه في الدخول فلا ينتظره ؛ لأنه إلى الآن لم يثبت له حق وبه يندفع استشكاله بأن العلة إن كانت التطويل انتقض بخارج قريب مع صغر المسجد وداخل بعيد مع سعته .
( قلت المذهب استحباب انتظاره ) لكن بالشروط السابقة ، وإن لم تغن صلاة المأمومين عن القضاء على الأوجه أو كانوا غير محصورين نعم علم مما مر أن المحصورين الراضين لا يتأتى فيهم شرط التطويل ( والله أعلم ) لخبر أبي داود { } ولأنه إعانة على خير من إدراكه الركعة [ ص: 261 ] أو الجماعة ، نعم إن كان الداخل يعتاد البطء وتأخير الإحرام إلى الركوع سن عدمه زجرا له أو خشي خروج الوقت بانتظاره حرم في الجمعة وكذا في غيرها إن كان شرع وقد بقي ما لا يسعها لامتناع المد حينئذ كما مر أو كان لا يعتقد إدراك الركعة بالركوع أو الجماعة بالتشهد كره كالانتظار في غيرهما ؛ لأن مصلحة الانتظار للمأموم ولا مصلحة له هنا كما لو أدركه في الركوع الثاني من صلاة الكسوف . كان صلى الله عليه وسلم ينتظر ما دام يسمع وقع نعل