الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة الرابعة ]

[ هل يوجب الزنا من التحريم ما يوجبه النكاح الصحيح أوالنكاح بشبهة ]

وأما المسألة الرابعة : فاختلفوا في الزنا هل يوجب من التحريم في هؤلاء ما يوجب الوطء في نكاح صحيح أو بشبهة ( أعني : الذي يدرأ فيه الحد ) ؟ فقال الشافعي : الزنا بالمرأة لا يحرم نكاح أمها ولا ابنتها ولا نكاح أبي الزاني لها ولا ابنه . وقال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي : يحرم الزنا ما يحرم النكاح ، وأما مالك ففي الموطأ عنه قول الشافعي أنه لا يحرم ، وروى عنه ابن القاسم مثل قول أبي حنيفة أنه يحرم . وقال سحنون : أصحاب مالك يخالفون ابن القاسم فيها ، ويذهبون إلى ما في الموطأ . وقد روي عن الليث أن الوطء بشبهة لا يحرم ، وهو شاذ .

[ ص: 421 ] وسبب الخلاف : الاشتراك في اسم النكاح ( أعني : في دلالته على المعنى الشرعي واللغوي ) .

فمن راعى الدلالة اللغوية في قوله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم ) قال : يحرم الزنا . ومن راعى الدلالة الشرعية قال : لا يحرم الزنا . ومن علل هذا الحكم بالحرمة التي بين الأم والبنت ; وبين الأب والابن قال : يحرم الزنا أيضا . ومن شبهه بالنسب قال : لا يحرم لإجماع الأكثر على أن النسب لا يلحق بالزنا .

واتفقوا فيما حكى ابن المنذر على أن الوطء بملك اليمين يحرم منه ما يحرم الوطء بالنكاح . واختلفوا في تأثير المباشرة في ملك اليمين ، كما اختلفوا في النكاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية