الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
[ ص: 36 ] السادس : أن يقال : من أين في ظاهر القرآن إثبات جنب واحد هو صفة لله ؟ ومن المعلوم أن هذا لا يثبته أحد من بني آدم ، وأعظم الناس إثباتا للصفات هم أهل السنة والحديث ، لا يثبتون أن لله تعالى جنبا واحدا ولا ساقا واحدا .

قال عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي :

وادعاء المعارض زورا على قوم أنهم يقولون في تفسير قوله تعالى : ( ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله ) أنهم يعنون بذلك الجنب الذي هو العضو وليس ذلك على ما يتوهمونه ، قال الدارمي : فيقال لهذا المعارض : ما أرخص الكذب عندك وأخفه على لسانك : فإن كنت صادقا في دعواك فأشر بها إلى أحد من بني آدم ، قال : وإلا فلم تشنع بالكذب على قوم هم أعلم بهذا التفسير منك ، إنما تفسيرها عندهم : تحسر الكفار على ما فرطوا في الإيمان والفضائل التي تدعو إلى ذات الله واختاروا عليها الكفر والسخرية ، فمن أنبأك أنهم قالوا : جنب من الجنوب ؟ فإنه لا يجهل هذا المعنى كثير من عوام المسلمين فضلا عن علمائهم ، وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : " الكذب مجانب للإيمان " وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " لا يجوز الكذب جدا ولا هزلا " وقال الشعبي : " من كان كاذبا فهو منافق " .

والتفريط فعل أو ترك فعل ، وهذا لا يكون قائما بذات الله لا بجنب ولا غيره ، بل لا يكون منفصلا عن الله تعالى ، وهو معلوم بالحس والمشاهدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية