الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثالث :

                                قال البخاري :

                                250 253 - نا أبو نعيم : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد .

                                قال أبو عبد الله : كان ابن عيينة يقول أخيرا : ( عن ابن عباس ، عن ميمونة ) .

                                والصحيح ما روى أبو نعيم .

                                [ ص: 253 ]

                                التالي السابق


                                [ ص: 253 ] هذا الذي ذكره البخاري رحمه الله أن الصحيح ما رواه أبو نعيم عن ابن عيينة ، بإسقاط ميمونة من هذا الإسناد - فيه نظر ، وقد خالفه أكثر الحفاظ في ذلك .

                                وخرجه مسلم عن قتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة - جميعا - عن ابن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس ، قال : أخبرتني ميمونة أنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد .

                                [ ص: 254 ] وخرجه الترمذي عن ابن أبي عمر ، عن سفيان كذلك ، وعنده : ( من إناء واحد ) .

                                وكذلك رواه الإمامان الشافعي وأحمد ، عن ابن عيينة .

                                وذكر الإسماعيلي في ( صحيحه ) ممن رواه عن ابن عيينة كذلك المقدمي ، وابنا أبي شيبة ، وعباس النرسي ، وإسحاق الطالقاني ، وأبو خيثمة ، وسريج بن يونس ، وابن منيع ، والمخزومي ، عبد الجبار ، وابن البزار ، وأبو همام ، وأبو موسى الأنصاري ، وابن وكيع ، والأحمسي .

                                قال : وهكذا يقول ابن مهدي أيضا : عن ابن عيينة .

                                قال : وهذا أولى ; لأن ابن عباس لا يطلع على النبي صلى الله عليه وسلم وأهله يغتسلان ; فالحديث راجع إلى ميمونة .

                                وذكر الدارقطني في ( العلل ) أن ابن عيينة رواه عن عمرو ، وقال فيه : ( عن ميمونة ) ، ولم يذكر أن ابن عيينة اختلف عليه في ذلك .

                                وهذا كله مما يبين أن رواية أبي نعيم التي صححها البخاري وهم .

                                وإنما ذكر الدارقطني أن ابن جريج خالف ابن عيينة ، فرواه عن عمرو ، [ ص: 255 ] عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة .

                                قال : وقول ابن جريج أشبه .

                                كذا قال ، وحديث ابن جريج هذا خرجه مسلم من طريقه ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، قال : أكثر علمي ، والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني أن ابن عباس أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة .

                                وهذا لا يرجح على رواية ابن عيينة ; لأن ذكر أبي الشعثاء في إسناده مشكوك فيه ، ولو قدر أنه محفوظ فلفظ الحديث مخالف للفظ حديث ابن عيينة ; فإن حديث ابن عيينة فيه اغتسالهما من إناء واحد ، وحديث ابن جريج فيه اغتساله صلى الله عليه وسلم بفضل ميمونة ، وهما حديثان مختلفان .

                                وهذا الحديث لا يدخل في هذا الباب ، إنما يدخل في ( باب غسل الرجل مع امرأته ) ، وقد بوب البخاري على ذلك فيما سبق ، وخرج فيه حديث عائشة ، وخرج أيضا فيه حديث عائشة من وجه آخر عنها ، يأتي ، وحديث أنس .

                                وخرج حديث أم سلمة في ذلك في ( كتاب الحيض ) .

                                ولكن حديث عائشة المتقدم فيه أنهما كانا يغتسلان من إناء واحد ، من قدح يقال له : الفرق . وتقدم تفسير ( الفرق ) ، وأنه ستة عشر رطلا .

                                [ ص: 256 ] وهذا يدل على جواز الزيادة على الصاع في الغسل .

                                وقد سبق وجه الجمع بين هذا الحديث وحديث الغسل بالصاع .



                                الخدمات العلمية