الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        923 - حدثنا أبو بكرة ، وابن مرزوق قالا : ثنا وهب قال : ثنا شعبة ، عن سماك بن حرب قال : سمعت المهلب بن أبي صفرة يحدث عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصلوا عند طلوع الشمس ولا عند غروبها فإنها تطلع بين قرني الشيطان ، أو على قرني الشيطان ، وتغرب بين قرني الشيطان ، أو على قرني الشيطان . قالوا : فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند غروب الشمس ، ثبت أنه ليس بوقت صلاة وأن وقت العصر يخرج بدخوله .

                                                        فكان من حجة الآخرين عليه أنه روي في هذا الحديث النهي عن الصلاة عند غروب الشمس وروي في غيره " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك العصر " فكان في ذلك إباحة الدخول في العصر في ذلك الوقت . فجعل النهي في الحديث الأول على غير الذي أبيح في الحديث الآخر حتى لا يتضاد الحديثان .

                                                        [ ص: 153 ] فهذا أولى ما حملت عليه الآثار ، حتى لا يتضاد . وأما وجه النظر عندنا في ذلك ، فإنا رأينا وقت الظهر والصلوات كلها فيه مباحة ؛ التطوع كله ، وقضاء كل صلاة فائتة .

                                                        وكذلك ما اتفق عليه أنه وقت العصر ، ووقت الصبح مباح قضاء الصلوات الفائتات فيه ، فإنما نهى عن التطوع خاصة فيه . فكان كل وقت قد اتفق عليه أنه وقت الصلاة من هذه الصلوات ، كل قد أجمع أن الصلاة الفائتة تقضى فيه . فلما ثبت أن هذه صفة أوقات الصلوات المجمع عليها ، وثبت أن غروب الشمس لا يقضى فيه صلاة فائتة باتفاقهم خرجت بذلك صفته من صفة أوقات الصلوات المكتوبات ، وثبت أنه لا يصلى فيه صلاة أصلا كنصف النهار وطلوع الشمس وأن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند غروب الشمس ناسخ لقوله : " من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " للدلائل التي شرحناها وبيناها .

                                                        فهذا هو النظر عندنا ، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله ، وأبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله .

                                                        وأما وقت المغرب فإن في الآثار الأول كلها أنه قد صلاها عند غروب الشمس .

                                                        وقد ذهب قوم إلى خلاف ذلك فقالوا : أول وقت المغرب حين يطلع النجم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية