الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
50 - (ج) ومنها قوله: (ع):

"إن رواية الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي التي أخرجها مسلم معلومة لأن الوليد يدلس تدليس التسوية" .

أقول: لا يتجه تعليله بتدليس الوليد ، لأنه صرح بسماعه من الأوزاعي (وصرح بأن الأوزاعي ) ما سمعه من قتادة وإنما كتب إليه وقتادة فقد سمعه [ ص: 754 ] من أنس - رضي الله عنه - كما رويناه في "كتاب القراءة خلف الإمام" للبخاري قال: ثنا محمد بن يوسف - هو الفريابي - ثنا الأوزاعي قال: كتب إلي قتادة قال: حدثني أنس - رضي الله عنه - وكذا رويناه في "السنن الكبير" للبيهقي من طريق العباس بن الوليد بن مزيد حدثني أبي حدثنا الأوزاعي مثله سواء، وكذا رويناه من طريق الهقل بن زياد ، عن الأوزاعي قال: كتبت إلى قتادة أسأله عن الجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) فكتب إلي يذكر قال: حدثني أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه صلى خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله تعالى عنهم - فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها .

فهذه متابعة للوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي .

[وكذا] رويناها في فوائد إسماعيل بن قيراط العذري قال: ثنا سليمان بن عبد الرحمن . ثنا الهقل ، فذكره، نقلته من خط الحافظ السلفي .

[ ص: 755 ] وكذلك رواه أبو عوانة في صحيحه من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي ، فذكر المتن مثله سواء، ولم يذكر القصة التي في السند وتابعه أبو المغيرة ، عن الأوزاعي .

قال أحمد في "مسنده" ثنا أبو المغيرة ، ثنا الأوزاعي قال:

كتب إلي قتادة قال: "حدثني أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها" .

وهذه متابعة قوية للوليد بن مسلم .

وأبو المغيرة من ثقات الحمصيين أخرج عنه البخاري في صحيحه محتجا به. فبان أن تعليله بتدليس الوليد (لا وجه) له لكن لو أعله الشيخ بأن قول الأوزاعي : إن قتادة كتب إليه فيه مجاز لأن قتادة كان أكمه لا يكتب، فيكون قد أمر بالكتابة عنه غيره وحينئذ ، فذلك الغير مجهول الحال عندنا حتى ولو كان قتادة يثق به فلا يكفي ذلك في ثبوت عدالته إلا عند من يقبل التزكية على الإبهام.

وهو مرجوح عند الشيخ لاحتمال أن يكون مضعفا عند غيره بقادح.

وستأتي المسألة مفصلة - إن شاء الله - .

فرجعت رواية الأوزاعي إلى أنها عن شخص مجهول كتب إليه بإذن قتادة (عن قتادة ) عن أنس - رضي الله عنه -.

[ ص: 756 ] فهذه العلة أشد من تدليس الوليد الذي حصل الأمن منه بتصريحه بالسماع وبمتابعة من تابعه من أصحاب الأوزاعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية