الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1999 134 \ 1916 - وعن أم سلمة قالت: كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر، فصار إلي، فدخل علي وهب بن زمعة، ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوهب : هل أفضت أبا عبد الله قال: [ ص: 400 ] لا والله يا رسول الله، قال : انزع عنك القميص، قال : فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه، ثم قال: ولم يا رسول الله؟ قال : إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا ، يعني من كل ما حرمتم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، حتى تطوفوا به .

                                                              في إسناده محمد بن إسحاق، وقد تقدم الكلام عليه.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث يرويه ابن إسحاق، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة، عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة، يحدثانه عن أم سلمة، وقال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس بنت محصن، وكانت جارة لهم، قالت: خرج من عندي عكاشة بن محصن في نفر من بني أسد، متقمصا، عشية يوم النحر، ثم رجعوا إلي عشاء، وقمصهم على أيديهم يحملونها، فقلت: أي عكاشة، ما لكم خرجتم متقمصين ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها ؟ فقال: خير يا أم قيس، كان هذا يوما رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا إذا نحن رمينا الجمرة حللنا من كل ما أحرمنا منه إلا ما كان من النساء حتى تطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطف [به صرنا حرما كهيئتنا قبل أن نرمي الجمرة حتى نطوف به، فأمسينا ولم نطف فـ] [ ص: 401 ] جعلنا قمصنا على أيدينا .

                                                              وهذا يدل على أن الحديث محفوظ، فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه وعن أمه وعن أم قيس. وقد استشكله الناس، قال البيهقي: وهذا حكم لا أعلم أحدا من الفقهاء يقول به. تم كلامه.

                                                              وقد روى أبو داود عن عقبة عن أبي الزبير، عن عائشة وابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل .

                                                              وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن، وأخرجه البخاري تعليقا.

                                                              وكأن رواية أبي داود له عقب حديث أم سلمة استدلال منه على أنه أولى من حديث أم سلمة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحل قبل طوافه بالبيت، ثم أخره إلى الليل. لكن هذا الحديث وهم، فإن المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم أنه إنما طاف طواف الإفاضة نهارا بعد الزوال، كما قاله جابر وعبد الله بن عمر [ ص: 402 ] وعائشة، وهذا أمر لا يرتاب فيه أهل العلم بالحديث، وقد تقدم قول عائشة: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الظهر من رواية أبي سلمة والقاسم عنها، قال البيهقي: وحديث أبي سلمة عن عائشة أصح.

                                                              وقال البخاري: في سماع أبي الزبير من عائشة نظر، وقد سمع من ابن عباس.

                                                              وقال المنذري: ويمكن أن يحمل قولها "أخر طواف يوم النحر إلى الليل" على أنه أذن في ذلك فنسب إليه، وله نظائر.




                                                              الخدمات العلمية