الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              1887 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن ابن عون ح وحدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي العجفاء السلمي قال قال عمر بن الخطاب لا تغالوا صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم وأحقكم بها محمد صلى الله عليه وسلم ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن الرجل ليثقل صدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه ويقول قد كلفت إليك علق القربة أو عرق القربة وكنت رجلا عربيا مولدا ما أدري ما علق القربة أو عرق القربة

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( لا تغالوا ) هو من الغلو وهو مجاوزة الحد في كل شيء يقال غاليت في الشيء وبالشيء وغلوت فيه غلوا إذا جاوزت فيه الحد ونصب صداق النساء بنزع الخافض أي لا تبالغوا في كثرة الصداق قوله : ( مكرمة ) بفتح ميم وضم راء بمعنى الكرامة (ما أصدق ) من أصدق المرأة إذا سمى لها صداقا وأعطيها (ولا أصدق ) على بناء المفعول والمعنى أنه إذا كان هو يتولى تقرير الصداق فلا يزيد على هذا القدر كما تقدم وكأنه ترك النش لكونه كسرا قوله : ( ليثقل ) من التثقيل (صدقة ) بفتح فضم [ ص: 583 ] (حتى يكون لها عداوة في نفسه ) أي حتى يعاديها في نفسه عند أداء ذلك المهر لثقله عليه حينئذ أو عند ملاحظة قدره وتفكره فيه بالتفصيل قوله : ( كلفت ) من كلف بكسر اللام إذا تعمده قوله : ( علق القربة ) بفتحتين حبل تعلق به أي تحملت لأجلك كل شيء حتى تعلق القربة ويروى عرق القربة بالراء أي تحملت كل شيء حتى عرقت كعرق القربة وهو سيلان مائها وقيل أراد بعرق القربة عرق حاملها وقيل أراد تحملت عرق القربة وهو مستحيل والمراد أنه تحمل الأمر الشديد الشبيه بها وفي الصحاح قال الأصمعي يقال لقيت من فلان عرق القربة ومعناه أشده ولا أدري ما أصله وقال غيره العرق إنما هو للرجل لا للقربة قال وأصله أن القربة تحملها الإماء الزوافر ومن لا معين له وربما افتقر الرجل الكريم واحتاج إلى حملها بنفسه فيعرق لما يلحقه من المشقة والحياء من الناس فيقال تحملت لك عرق القربة وقال في علق القربة لغة في عرق القربة قوله : ( ما أدري ) لغرابته وفي المقاصد الحسنة روى أبو يعلى في مسنده الكبير أنه لما نهى عن إكثار المهر بالوجه المذكور اعترضته امرأة من قريش فقالت له يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا النساء صدقاتهن على أربعمائة درهم قال نعم فقالت أما سمعت ما أنزل الله في القرآن قال وأي ذلك فقالت أما سمعت الله يقول وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا قال فقال اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر فقال إني نهيت أن تزيدوا في المهر على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب أو فمن طابت نفسه فليفعل وسنده جيد ورواه البيهقي في سننه ولفظه فقالت امرأة من قريش يا أمير المؤمنين أكتاب الله أحق أن يتبع أو قولك قال بل كتاب الله فما ذاك قالت نهيت الرجال عن الزيادة في المهر والله تعالى يقول في كتابه وآتيتم إحداهن قنطارا الآية فقال عمر كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا ثم رجع إلى المنبر فقال الحديث ورواه عبد الرزاق ولفظه فقامت امرأة فقالت له ليس ذلك لك يا عمر إن الله تعالى يقول وآتيتم إحداهن قنطارا إلخ فقال [ ص: 584 ] إن امرأة خاصمت عمر فخصمته وفي رواية فقال امرأة أصابت ورجل أخطأ ا هـ




                                                                              الخدمات العلمية