الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث‏ : فيما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ‏ رحمه الله ، قال‏ : " الذي أختاره في الرواية ، وعهدت عليه أكثر مشايخي ، وأئمة عصري‏ : أن يقول في الذي يأخذه من المحدث لفظا ، وليس معه أحد : " ‏حدثني فلان " ، وما يأخذه من المحدث لفظا ، ومعه غيره : " ‏حدثنا فلان " ، وما قرأ على المحدث بنفسه : " ‏أخبرني فلان " ، وما قرئ على المحدث ، وهو حاضر : " ‏أخبرنا فلان " ‏‏ . ‏

وقد روينا نحو ما ذكره عن [ ص: 143 ] عبد الله بن وهب‏ صاحب ‏مالك‏ - رضي الله عنهما - وهو حسن رائق‏ . ‏

فإن شك في شيء عنده أنه من قبيل " ‏حدثنا ، أو‏ أخبرنا " ، أو من قبيل " ‏حدثني ، أو‏ أخبرني‏ " لتردده في أنه كان عند التحمل ، والسماع وحده أو مع غيره ، فيحتمل أن نقول‏ : ليقل " حدثني أو‏ أخبرني " ، لأن عدم غيره هو الأصل‏ . ‏

ولكن ذكر علي بن عبد الله المديني الإمام‏ ، عن شيخه ‏يحيى بن سعيد القطان الإمام‏ ، فيما إذا شك أن الشيخ قال‏ : " حدثني فلان " ، أو قال " ‏حدثنا فلان " ، أنه يقول " ‏حدثنا " ‏‏ . ‏

وهذا يقتضي فيما إذا شك في سماع نفسه في مثل ذلك أن يقول : " ‏حدثنا " ‏‏ ، وهو عندي يتوجه بأن ( حدثني ) أكمل مرتبة ، و‏ ( ‏حدثنا ) أنقص مرتبة ، فليقتصر إذا شك على الناقص ; لأن عدم الزائد هو الأصل ، وهذا لطيف‏ . ‏ ثم وجدت الحافظ أحمد البيهقي - رحمه الله - قد اختار بعد حكايته قول القطان ما قدمته‏ . ‏

ثم إن هذا التفصيل من أصله مستحب ، وليس بواجب ، حكاه ‏الخطيب الحافظ‏ عن أهل العلم كافة‏ ، فجائز إذا سمع وحده أن يقول : " ‏حدثنا " ، أو نحوه ، لجواز ذلك للواحد في كلام العرب‏ ، وجائز إذا سمع في جماعة أن يقول : " حدثني " ; لأن المحدث حدثه ، وحدث غيره ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية