الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  20629 أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن رجل من أهل الشام أنه دخل على أبي ذر وهو يوقد تحت قدر من حطب قد أصابه مطر ودموعه تسيل ، فقالت امرأته : قد كان لك عن هذا مندوحة لو شئت لكفيت ، فقال أبو ذر : " وهذا عيشي ، فإن رضيت وإلا فتحت كنف الله " ، قال : فكأنما ألقمها حجرا ، حتى إذا نضج ما في قدره ، جاء بصحفة له ، فكسر فيها خبزة له غليظة ، ثم جاء بالذي في القدر فكدره عليه ، ثم جاء به إلى امرأته ، ثم قال لي : " ادن " فأكلنا ، ثم أمر جاريته أن تسقينا فسقتنا [ ص: 312 ] مذقة من لبن معز له ، فقلت : يا أبا ذر ، لو اتخذت في بيتك شيئا ، فقال : " يا عبد الله ، أتريد لي من الحساب أكثر من هذا ؟ أليس هذا مثال نفترشه ، وعباءة نبتسطها ، وكساء نلبسه ، وبرمة نطبخ فيها ، وصحفة نأكل فيها ، ونغسل فيها رءوسنا ، وقدح نشرب فيه ، وعكة فيها زيت أو سمن ، وغرارة فيها دقيق ؟ فتريد لي من الحساب أكثر من هذا ؟ " ، قلت : فأين عطاؤك أربعمائة دينار ؟ وأنت في شرف من العطاء ، فأين يذهب ؟ فقال : " أما إني لن أعمي عليك ، لي في هذه القرية ثلاثون فرسا ، فإذا خرج عطائي اشتريت لها علفا ، وأرزاقا لمن يقوم عليها ، ونفقة لأهلي ، فإن بقي منه شيء اشتريت به فلوسا ، فجعلته عند نبطي هاهنا ، فإن احتاج أهلي إلى لحم أخذوا منه ، وإن احتاجوا إلى شيء أخذوا منه ، ثم أحمل عليها في سبيل الله ، فهذا سبيل عطائي ، ليس عند أبي ذر دينار ولا درهم " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية