الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2639 10 - حدثنا معلى بن أسد ، قال : حدثنا وهيب ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة . ورجاله قد ذكروا غير مرة ، ووهيب تصغير وهب ، هو ابن خالد البصري . وحميد بضم الحاء هو الطويل .

                                                                                                                                                                                  والحديث من أفراد البخاري من هذا الوجه . وأخرجه ابن ماجه عن نصر بن علي ، ومحمد بن المثنى ، كلاهما عن عبد الوهاب الثقفي ، عن حميد . وأخرجه مسلم عن القعنبي عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس . وأخرجه الترمذي من رواية مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها " ، وقال : هذا حديث حسن غريب . قلت : انفرد بإخراجه الترمذي ، وأخرج مسلم والنسائي من رواية أبي عبد الرحمن الحبلي ، واسمه عبد الله بن [ ص: 92 ] يزيد ، قال : سمعت أبا أيوب رضي الله تعالى عنه يقول ، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : " غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت " . وأخرج البزار وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما من رواية عمرو بن صفوان ، عن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها " . وقال الذهبي : صفوان بن عمرو لا يعرف . وأخرج البزار في مسنده من رواية الحسن عن عمران بن حصين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال . فذكره ، وفي إسناده يوسف بن خالد السمتي ، وهو ضعيف . وأخرجه أحمد في مسنده ، والطبراني في الكبير ، من حديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنه مطولا ، وفيه " والذي نفسي بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ، ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة " وإسناده ضعيف .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لغدوة " مبتدأ تخصص بالصفة وهو قوله : " في سبيل الله " والتقدير : لغدوة كائنة في سبيل الله . قوله : " أو روحة " عطف عليه ، وكلمة " أو " للتقسيم لا للشك . قوله : " خير " خبر المبتدأ واللام في " لغدوة " لام التأكيد ، وقال بعضهم : للقسم ، وفيه نظر . وقال المهلب : معنى قوله " خير من الدنيا " أن ثواب هذا الزمن القليل في الجنة خير من الدنيا كلها ، وكذا قوله : " لقاب قوس أحدكم " أي : موضع سوط في الجنة ، يريد ما صغر في الجنة من المواضع كلها من بساتينها وأرضها ، فأخبر أن قصير الزمان وصغير المكان في الآخرة خير من طويل الزمان وكبير المكان في الدنيا ، تزهيدا وتصغيرا لها وترغيبا في الجهاد ، إذ بهذا القليل يعطيه الله في الآخرة أفضل من الدنيا وما فيها ، فما ظنك بمن أتعب فيه نفسه وأنفق ماله ! وقال غيره : معنى " خير من الدنيا " : ثواب ذلك في الجنة خير من الدنيا . وقيل : خير من أن يتصدق بما في الدنيا إذا ملكها . وقيل : إذا ملك ما في الدنيا وأنفقها في وجوه البر والطاعة غير الجهاد . وقال القرطبي : أي الثواب الحاصل على مشية واحدة في الجهاد خير لصاحبه من الدنيا وما فيها لو جمعت له بحذافيرها . والظاهر أنه لا يختص ذلك بالغدو والرواح من بلدته ، بل يحصل هذا حتى بكل غدوة أو روحة في طريقه إلى الغد ، وقال النووي : وكذا غدوه ورواحه في موضع القتال ، لأن الجميع يسمى غدوة وروحة في سبيل الله .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية