الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2236 وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني مالك بن أنس عن صيفي وهو عندنا مولى ابن أفلح أخبرني أبو السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال أترى هذا البيت فقلت نعم قال كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس قال فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة فقالت له اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى قال فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له وقلنا ادع الله يحييه لنا فقال استغفروا لصاحبكم ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان وحدثني محمد بن رافع حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثنا أبي قال سمعت أسماء بن عبيد يحدث عن رجل يقال له السائب وهو عندنا أبو السائب قال دخلنا على أبي سعيد الخدري فبينما نحن جلوس إذ سمعنا تحت سريره حركة فنظرنا فإذا حية وساق الحديث بقصته نحو حديث مالك عن صيفي وقال فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر وقال لهم اذهبوا فادفنوا صاحبكم [ ص: 397 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 397 ] قوله : ( فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله ) قال العلماء : هذا الاستئذان امتثال لقوله تعالى : وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه و ( أنصاف النهار ) بفتح الهمزة أي منتصفه ، وكأنه وقت لآخر النصف الأول وأول النصف الثاني ، فجمعه كما قالوا : ظهور الترسين . وأما رجوعه إلى أهله فليطالع حالهم ، ويقضي حاجتهم ، ويؤنس امرأته ، فإنها كانت عروسا كما ذكر في الحديث .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان ) قال العلماء : معناه وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت ، ولا ممن أسلم من الجن ، بل هو شيطان ، فلا حرمة عليكم فاقتلوه ، ولن يجعل الله له سبيلا للانتصار عليكم بثأره ، بخلاف العوامر ومن أسلم . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية