الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كانت أمة في يد رجل ، فقالت أنا أم ولد لفلان أو مكاتبته أو مدبرته وصدقها فلان ، وقال ذو اليد بل أنت أمة لي فعلى قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله القول قول ذي اليد ، وعلى [ ص: 155 ] قول أبي يوسف رحمه الله القول قول الأمة والمقر له ; لأن دعواها حق الحرية بمنزلة دعواها حقيقة الحرية ولو قالت أنا حرة كان القول قولها ولا يثبت استحقاق يد ذي اليد عليها إلا بحجة فكذلك هنا ( توضيحه ) أن المكاتبة في يد نفسها كالحرة فلا تظهر يد ذي اليد فيها مع دعواها أنها مكاتبة كما لا يظهر مع دعواها أنها حرة وهذا نوع استحسان ذهب إليه أبو يوسف رحمه الله والقياس قولها ; لأنها أقرت بالرق المسقط لاعتبار يدها في نفسها فلا تسمع دعواها إلا بحجة .

( ألا ترى ) أنها لو ادعت شيئا من ذلك على ذي اليد لم تسمع إلا بحجة فكذلك إذا ادعت على غيره وتصديق المقر له ليس بحجة في حق ذي اليد فوجوده كعدمه ولو قال المقر له هي أمة لي غير مدبرة كان القول فيها قول ذي اليد بالاتفاق فكذلك إذا صدقها في التدبير ، وعلى هذا الخلاف لو قالت كنت أمة لفلان فأعتقني وصدقها فلان بذلك فعلى قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله هي أمة لذي اليد ; لأنها أقرت بالرق ، ثم ادعت زواله بسبب حادث ، وعند أبي يوسف رحمه الله هي حرة لأنها لم تقر بالرق لذي اليد وزعمت أنها حرة في الحال ففي حق ذي اليد هذا ودعواها حرية الأصل سواء ، ولكن هذا غير صحيح ; لأن دعواها حرية الأصل تتم بها ودعواها العتق من فلان لا يتم إلا بتصديق من فلان وتصديق فلان ليس بحجة على ذي اليد .

التالي السابق


الخدمات العلمية