الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال : لفلان علي ألف درهم إلا شيئا يلزمه خمسمائة وزيادة بقدر ما بينه لأن الجهالة في المستثنى لا تكون أكثر ما يبرأ من الجهالة في المقر به فكما أن جهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار فكذلك جهالة المستثنى لا تمنع صحة الاستثناء بل أولى ; لأن المقر به مثبت والمستثنى غير مثبت ، فإذا صح الاستثناء مع الجهالة كان ينبغي أن يجعل القول قوله في بيان المستثنى سواء بينه بقدر النصف أو أكثر أو أقل [ ص: 96 ] ولكنا تركنا هذا القياس فيه للعادة فإن العادة جارية أن المستثنى يكون أقل من النصف وأنه إنما يختار العادة عن الواجب بذكر حمله مع الاستثناء إذا كان المستثنى أقل من الواجب وتتضح هذه العادة في هذا الفصل فإن قوله " إلا شيئا " إنما يعبر به عن القليل عادة فهو وقوله " إلا قليلا " سواء فلهذا لزمه خمسمائة وزيادة ولا طريق لنا إلى معرفة تلك الزيادة سوى الرجوع إلى بيانه بخلاف إلا تسعمائة فإن هناك نص على بيان قدر المستثنى ولا معنى للعادة مع النص بخلافه . وكذلك لو قال : له علي زهاء ألف درهم أو عظم ألف درهم أو جل ألف درهم أو قريب من ألف درهم فهذا وما سبق سواء ; لأنه وصف الواجب بأنه عظم الألف ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان أكثر من النصف ، وقدر الزيادة على النصف لا طريق لنا إلى معرفته سوى الرجوع إلى بيانه ، فإن مات المقر كان القول فيما زاد على خمسمائة إلى ورثته لأنهم قائمون مقامه ، وقضاء المال من التركة واجب عليهم فلما كان بيانه مقبولا فكذلك بيانهم بعده . وكذلك هذا في الغصب الوديعة وغيرهما ، وكذلك هذا في المكيل والموزون والثياب وكل شيء يجوز فيه السلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية