الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1609 [ 834 ] وعن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا أدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته .

                                                                                              وفي رواية : ولا صورة إلا طمستها .

                                                                                              رواه أحمد (1 \ 96 و 129) ، ومسلم (969) ، وأبو داود (3219) ، والترمذي (1049) ، والنسائي (4 \ 88- 89) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              والتمثال : مثال صورة ما فيه روح ، وهو يعم ما كان متجسدا وما كان مصورا في رقم أو نقش ، لا سيما وقد روي " صورة " مكان " تمثال " ، وقيل : إن المراد به هنا ما كان له شخص وجسد دون ما كان في ثوب أو حائط منقوشا ، وسيأتي الكلام عليهما .

                                                                                              وحاصل هذا الحديث الأمر بتغيير الصور مطلقا ، وأن إبقاءها كذلك منكر ، وطمسها : تغييرها ، وذلك يكون بقطع رؤوسها وتغيير وجوهها وغير ذلك مما يذهبها .

                                                                                              وقوله " ولا قبرا مشرفا إلا سويته " ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها ، وأن تكون لاطية ، وقد قال به بعض أهل العلم . وذهب الجمهور إلى أن هذا [ ص: 626 ] الارتفاع المأمور بإزالته ليس هو التسنيم ولا ما يعرف به القبر كي يحترم ، وإنما هو الارتفاع الكثير الذي كانت الجاهلية تفعله ; فإنها كانت تعلي عليها وتبني فوقها تفخيما لها وتعظيما ، وأما تسنيمها فذلك صفة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبر أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - على ما ذكر في الموطأ ، وقد جاء عن عمر أنه هدمها وقال : ينبغي أن تسوى تسوية تسنيم . وهذا معنى قول الشافعي : تسطح القبور ولا تبنى ولا ترفع ، وتكون على وجه الأرض ، وتسنيمها اختيار أكثر العلماء وجملة أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة والشافعي .

                                                                                              قلت : والذي صار إليه عمر أولى ، فإنه جمع بين التسوية والتسنيم .




                                                                                              الخدمات العلمية