الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أراد العبد المأذون أن يقضي دين بعض غرمائه أو يعطيه به رهنا فللآخرين أن يمنعوه ; لأن حق جميع الغرماء تعلق بكسبه وفي تخصيص بعضهم بقضاء الدين إيثاره والعبد لا يملك ذلك ; لما فيه من إبطال حق الباقين عن ذلك المال كالمريض إذا خص بعض غرمائه بقضاء الدين والمقصود بالرهن الاستيفاء ; لأن [ ص: 122 ] موجبه يد الاستيفاء فيكون معتبرا بحقيقة الاستيفاء فإن كان الغريم واحدا فرهنه بدينه رهنا ووضعاه على يد المولى فضاع من يده ضاع من مال العبد والدين عليه بحاله ; لأن يد المولى لا تصلح للنيابة عن الأجنبي في استيفاء الدين من العبد حقيقة فكذلك لا تصلح النيابة للقبض بحكم الرهن ; لأنه قبض للاستيفاء وهذا ; لأن الدين الذي على العبد من وجه مستحق على المولى فيكون هذا في معنى ما لو ارتهن بدين له على إنسان وجعل الراهن عدلا فيه فتركه على يده يوضحه أن بهلاك الرهن يجب للراهن على المرتهن مثل ما كان للمرتهن عليه ، ثم يصير قصاصا ، ولو وضعاه على يد عبد له آخر أو مكاتب أو يد ابنه فهلك في يد العبد ذهب بالدين ; لأن هؤلاء يصلحون للنيابة عن الأجنبي في استيفاء دينه من العبد فكذلك في يد الاستيفاء بحكم الرهن ، ثم هلاك الرهن في يد العدل كهلاكه في يد المرتهن ، وكذلك لو وضعاه على يد عبد للعبد المأذون المديون ; لأن ذلك العبد يصلح وكيلا للأجنبي في قبض دينه من العبد المأذون مع عبده بمنزلة المولى في حق العبد المأذون وقد بينا أن العبد يصلح أن يكون وكيلا في قبض الدين من مولاه ، ولو كان الدين على المولى والعبد هو العدل في الرهن فهلك ذهب بما فيه ; لأن العبد يصلح أن يكون وكيلا في قبض ما على مولاه فيصلح أن يكون عدلا في الرهن به أيضا ، وكذلك لو لم يعرف هلاكه إلا بقول العبد ; لأنه لما انتصب عدلا كان أمينا فيه والأمين مسلط على الإخبار من جهة من ائتمنه فإخباره بالهلاك بمنزلة إقرار المرتهن به ; فلهذا يصير مستوفيا به دينه .

التالي السابق


الخدمات العلمية