الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون

                                                                                                                                                                                                                                      يا بني آدم تكرير النداء للإيذان بكمال الاعتناء بمضمون ما صدر به ، وإيرادهم بهذا العنوان مما لا يخفى سببه .

                                                                                                                                                                                                                                      لا يفتننكم الشيطان ; أي : لا يوقعنكم في الفتنة والمحنة بأن يمنعكم من دخول الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      كما أخرج أبويكم من الجنة نعت لمصدر محذوف ; أي : لا يفتننكم فتنة مثل إخراج أبويكم ، وقد جوز أن يكون التقدير : لا يخرجنكم بفتنته إخراجا مثل إخراجه لأبويكم ، والنهي وإن كان متوجها إلى الشيطان ، لكنه في الحقيقة متوجه إلى المخاطبين ، كما في قولك : لا أرينك ههنا ، وقد مر تحقيقه مرارا .

                                                                                                                                                                                                                                      ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما حال من أبويكم ، أو من فاعل أخرج ، وإسناد النزع إليه للتسبيب ، وصيغة المضارع لاستحضار الصورة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : إنه يراكم هو وقبيله ; أي : جنوده وذريته ، استئناف لتعليل النهي وتأكيد التحذير منه .

                                                                                                                                                                                                                                      من حيث لا ترونهم " من " لابتداء غاية الرؤية ، و" حيث " ظرف لمكان انتفاء الرؤية ، و" لا ترونهم " في محل الجر بإضافة الظرف إليه ، ورؤيتهم لنا من حيث لا نراهم لا تقتضي امتناع رؤيتنا [ ص: 223 ] لهم مطلقا ، واستحالة تمثلهم لنا .

                                                                                                                                                                                                                                      إنا جعلنا الشياطين جعل قبيله من جملته فجمع .

                                                                                                                                                                                                                                      "الذين لا يؤمنون" ; أي : جعلناهم بما أوجدنا بينهم من المناسبة ، أو بإرسالهم عليهم وتمكينهم من إغوائهم ، وحملهم على ما سولوا لهم أولياء ; أي : قرناء مسلطين عليهم ، والجملة تعليل آخر للنهي ، وتأكيد للتحذير إثر تحذير .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية