الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثاني :

                                542 567 - حدثنا محمد بن العلاء : ثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : كنت أنا وأصحابي الذين قدموا معي في السفينة نزولا في بقيع بطحان ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، فكان يتناوب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم ، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وأصحابي ، وله بعض الشغل في بعض أمره ، فأعتم بالصلاة ، حتى ابهار الليل ، ثم خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم ، فلما قضى صلاته قال لمن حضره : ( على رسلكم ، أبشروا ، إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من [ ص: 182 ] الناس يصلي هذه الساعة غيركم ) - أو قال : ( ما صلى هذه الساعة أحد غيركم ) ، لا أدري أي الكلمتين قال - قال أبو موسى : فرجعنا فرحى ، وفرحنا بما سمعنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                التالي السابق


                                البقيع - في اللغة - : المكان الذي فيه شجر من ضروب شتى .

                                وبطحان : أحد أودية المدينة المشهورة ، وهي ثلاثة : بطحان ، والعقيق ، وقناة .

                                وبطحان : يقوله أهل الحديث بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وقيل : بفتح أوله ، وأهل اللغة يقولونه بفتح أوله وكسر ثانيه ، وقالوا : لا يجوز فيه غير ذلك - : ذكره صاحب ( معجم البلدان ) .

                                وقوله : ( أعتم بالصلاة ) أي أخرها ، ومنه قيل : ( قرى عاتم ) إذا لم يقدم العجالة للضيف ، وأبطأ عليه بالطعام .

                                ومعنى ( ابهار الليل ) : انتصف . قاله الأصمعي وغيره . وقالوا : بهرة كل شيء وسطه .

                                وقيل : معناه : استنار الليل [باستهام] طلوع نجومه بعد أن تذهب فحمة الليل وظلمته بساعة ، وهذا بعيد .

                                وقوله : ( ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم ) - أو ( ما صلى هذه الساعة أحد غيركم ) - يحتمل أنه أراد به أهل الأديان ، كما تقدم وأنه أراد به المسلمين - أيضا .

                                وفي هذا الحديث والذي قبله : دليل على استحباب تأخير العشاء .

                                وفي حديث أبي موسى : دلالة على جواز تأخيرها إلى انتصاف الليل ، وسيأتي القول في ذلك مبسوطا - إن شاء الله تعالى .



                                الخدمات العلمية