الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2429 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، قال : ثنا شعبة ، قال : ثنا الأزرق بن قيس ، قال : رأيت أبا برزة الأسلمي بالأهواز صلى العصر ، قلت : فكم صلى ؟ قال : ركعتين .

                                                        قال أبو جعفر : فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقصرون في السفر ، وينكرون على من أتم .

                                                        ألا ترى أن سعدا لما قيل له . إن المسور ، وعبد الرحمن بن عبد يغوث يتمان قال : نحن أعلم ولم يعذرهما في إتمامهما . وإن الرجل الذي قدمه سلمان رضي الله عنه ومعه ثلاثة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى أربعا فقال له سلمان رضي الله عنه : ما لنا وللمربعة إنما يكفينا نصف المربعة ، ولم ينكر ذلك عليه من كان بحضرته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        [ ص: 421 ] فدل ذلك أن مذاهبهم لم تكن إباحة الإتمام في السفر .

                                                        فإن قال قائل : فقد أتم ذلك الرجل الذي قدمه سلمان والمسور رضي الله عنه ، وهما صحابيان ، فقد ضاد ذلك ما رواه سلمان رضي الله عنه ، ومن تابعه على ترك الإتمام في السفر . قيل له : ما في هذا دليل على ما ذكرتم ، لأنه قد يجوز أن يكون المسور رضي الله عنه وذلك الرجل أتما لأنهما لم يكونا يريان في ذلك السفر قصرا ، لأن مذهبهما أن لا تقصر الصلاة إلا في حج أو عمرة ، أو غزاة ، فإنه قد ذهب إلى ذلك أيضا غيرهما . فلما احتمل ما روي عنهما ما ذكرنا ، وقد ثبت التقصير عن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يجعل ذلك مضادا لما قد روي عنهم .

                                                        إذ كان قد يجوز أن يكون على خلاف ذلك ، وهذا عثمان بن عفان فقد صلى بـ " منى " أربعا فأنكر ذلك عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ومن أنكر معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان عثمان إنما فعله لمعنى رأى به إتمام الصلاة ، مما سنصفه في موضعه من هذا الباب ، إن شاء الله تعالى . فلما كان الذي ثبت لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه هو تقصير الصلاة في السفر لا إتمامها ، لم يجز لنا أن نخالف ذلك إلى غيره .

                                                        فإن قال قائل : فهل رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يدلكم على أن فرائض الصلاة ركعتان في السفر ، فيكون ذلك قاطعا لما ذهب إليه مخالفكم ؟ قلنا : نعم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية