الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2480 - وقد قال الزهري أيضا غير ذلك فحدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو عمر ، عن حماد بن سلمة ، قال : أنا أيوب ، عن الزهري ، قال : إنما صلى عثمان رضي الله عنه بـ " منى " أربعا لأن الأعراب كانوا أكثر في ذلك العام ، فأحب أن يخبرهم أن الصلاة أربع .

                                                        فهذا يخبر أنه فعل ما فعل ليعلم الأعراب به أن الصلاة أربع .

                                                        فقد يحتمل أن يكون لما أراد أن يريهم ذلك نوى الإقامة ، فصار مقيما فرضه أربع ، فصلى بهم أربعا ، وهو مقيم بالسبب الذي حكاه معمر عن الزهري في الفصل الذي قبل هذا . ويحتمل أن يكون فعل ذلك وهو مسافر لتلك العلة .

                                                        [ ص: 426 ] والتأويل الأول أشبه عندنا والله أعلم ، لأن الأعراب كانوا بالصلاة وأحكامها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجهل منهم بها وبحكمها في زمن عثمان رضي الله عنه وهم بأمر الجاهلية حينئذ أحدث عهدا . فهم كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العلم بفرائض الصلاة أحوج منهم إلى ذلك في زمن عثمان رضي الله عنه . فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتم الصلاة لتلك العلة ، ولكن قصرها ليصلوا معه صلاة السفر على حكمها ، ويعلمهم صلاة الإقامة على حكمها في السفر ، كان عثمان رضي الله عنه أحرى أن لا يتم بهم الصلاة لتلك العلة ، ولكنه يصليها بهم على حكمها في السفر ، ويعلمهم كيف حكمها في الحضر .

                                                        فقد عاد معنى ما صح من تأويل حديث أيوب ، عن الزهري ، إلى معنى حديث معمر عن الزهري .

                                                        وقد قال آخرون إنما أتم الصلاة ، لأنه كان يذهب إلى أنه لا يقصرها إلا من حل وارتحل .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية