الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      887 حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان حدثني إسمعيل بن أمية سمعت أعرابيا يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى إلى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى فليقل بلى ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل آمنا بالله قال إسمعيل ذهبت أعيد على الرجل الأعرابي وأنظر لعله فقال يا ابن أخي أتظن أني لم أحفظه لقد حججت ستين حجة ما منها حجة إلا وأنا أعرف البعير الذي حججت عليه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) هذا بدل من قوله آخرها ، ومعنى قوله بأحكم الحاكمين ، أي أقضى القاضين يحكم بينك وبين أهل التكذيب بك يا محمد ( فليقل بلى ) أي نعم ( وأنا على ذلك ) أي كونك أحكم الحاكمين ( من الشاهدين ) أي أنتظم في سلك من له مشافهة في الشهادتين من أنبياء الله وأوليائه . قال ابن حجر : وهذا أبلغ من أنا شاهد ، ومن ثم قالوا في وكانت من القانتين وفي إنه في الآخرة لمن الصالحين أبلغ من وكانت قانتة ، ومن إنه في الآخرة صالح ، لأن من دخل في عداد الكامل وساهم معهم الفضائل ليس كمن انفرد عنهم . انتهى . وقيل لأنه كناية وهي أبلغ من الصريح ( أليس ذلك ) أي الذي جعل خلق الإنسان من نطفة تمنى في الرحم ( فليقل بلى ) قال في المرقاة : وفي رواية بلى إنه على كل شيء قدير . وأما قول ابن حجر المكي فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ، وكأنه حذف لفهمه من الأول فبعيد انتهى ( فبأي حديث بعده ) أي بعد القرآن ، لأنه آية مبصرة ، ومعجزة باهرة ، فحين لم يؤمنوا به فبأي كتاب بعده يؤمنون ( فليقل آمنا بالله ) أي به وبكلامه ، ولعموم هذا لم يقل آمنا بالقرآن . وقال الطيبي أي قل أخالف أعداء الله المعاندين قاله في المرقاة . والحديث يدل على أنه من يقرأ هذه الآيات يستحب له أن يقول تلك الكلمات سواء كان في الصلاة أو خارجها . والحديث ضعيف لأن فيه مجهولا . قال الترمذي بعدما رواه مختصرا : إنما يروي بهذا الإسناد عن هذا الأعرابي عن أبي هريرة ولا يسمي انتهى . وقال في فتح الودود : هذا الأعرابي لا يعرف ففي الإسناد جهالة ، ومع ذلك فالمتن لا يناسب الباب .

                                                                      قلت : الظاهر أن هذا [ ص: 107 ] الحديث داخل في الباب الأول لكن تأخيره من تصرف النساخ ، والله أعلم ( قال إسماعيل ) بن أمية ( ذهبت أعيد ) أي شرعت في إعادة الحديث ( على الرجل الأعرابي ) المذكور ( لعله ) أي لعل الأعرابي أخطأ في الحديث ولم يحفظه ( فقال ) الأعرابي ( يا ابن أخي أتظن أني لم أحفظه ) أي الحديث والاستفهام إنكاري ، أي لا تظنن بي هذا الظن فإني قوي الحفظ غاية القوة وإن ارتبت في فيما قلت لك فاستمع ما أقول ( لقد حججت ستين حجة ) إلخ : أي والله لقد حججت ستين حجة ، فمن كان هذا شأنه في الحفظ فكيف لا يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا قاله الرجل الأعرابي المجهول ، لكن هذه مبالغة عظيمة منه والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية