الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                742 قال البخاري :

                                774 م - وقال عبيد الله بن عمر ، عن ثابت عن أنس بن مالك : كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء ، وكان كلما استفتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح قل هو الله أحد حتى يفرغ منها ، ثم يقرأ سورة أخرى معها ، وكان يصنع ذلك في كل ركعة ، فكلمه أصحابه ، فقالوا : إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى ، فإما أن تقرأ بها ، وإما أن [ ص: 470 ] تدعها وتقرأ بأخرى ، فقال : ما أنا بتاركها ، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت ، وإن كرهتم تركتكم ، وكان يرون أنه من أفضلهم ، وكرهوا أن يؤمهم غيره ، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر ، فقال : ( يا فلان ، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة ؟ ) قال : إني أحبها ، قال : ( حبك إياها أدخلك الجنة ) .

                                التالي السابق


                                هذا الحديث خرجه الترمذي في ( جامعه ) عن البخاري ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني عبد العزيز بن محمد ، عن عبيد الله بن عمر ، فذكره ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه .

                                وإنما لم يخرجه البخاري - هاهنا - مسندا ؛ لأن حماد بن سلمة رواه عن ثابت ، عن حبيب بن سبيعة ، عن الحارث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                قال الدارقطني : هو أشبه بالصواب .

                                وحماد بن سلمة ذكر كثير من الحفاظ أنه أثبت الناس في حديث ثابت ، وأعرفهم به .

                                والحارث هذا اختلف : هل هو صحابي ، أو لا ؟ فقال أبو حاتم الرازي : له صحبة ، وقال الدارقطني : حديثه مرسل .

                                وخرجا في ( الصحيحين ) معنى هذا الحديث من رواية أبي الرجال ، عن [ ص: 471 ] عمرة ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم ب : قل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ ) فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمن ، فأنا أحب أن أقرأها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أخبروه أن الله يحبه ) .

                                وقد دل حديث أنس وعائشة على جواز جمع سورتين مع الفاتحة في ركعة واحدة من صلاة الفرض ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهه عن ذلك .

                                ويدل على أنه ليس هو الأفضل ؛ لأن أصحابه استنكروا فعله ، وإنما استنكروه لأنه مخالف لما عهدوه من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في صلاتهم ؛ ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ ) .

                                فدل على أن موافقتهم فيما أمروه به كان حسنا ، وإنما اغتفر ذلك لمحبته لهذه السورة .

                                وأكثر العلماء على أنه لا يكره الجمع بين السور في الصلاة المفروضة ، وروي فعله عن عمر وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وعلقمة ، وهو قول قتادة والنخعي ومالك ، وعن أحمد في كراهته روايتان ، وكرهه أصحاب أبي حنيفة .



                                الخدمات العلمية