الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 523 ] 8 - باب إذا كلم وهو يصلي فأشار برأسه أو استمع

                                1176 1233 - حدثنا يحيى بن سليمان، نا ابن وهب، أخبرني عمرو، عن بكير، عن كريب.

                                فذكر حديثا قد ذكرناه بتمامه في " باب: ما يصلى بعد العصر من الفوائت"، وفيه:

                                أن أم سلمة قالت: دخل علي - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه، قولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله، سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: " يا ابنة أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان ".

                                التالي السابق


                                وخرجه في " المغازي" أيضا بهذا الإسناد، ثم قال: " وقال بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكر ، فذكر نحوه".

                                ومقصوده بهذا الباب أن المصلي يجوز أن يكلم في صلاته، ويستمع لمن [ ص: 524 ] كلمه، ويشير بيده أو برأسه; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم ينكر على أم سلمة إرسالها الجارية إليه; لتكلمه وهو يصلي، بل أشار إليها فاستأخرت عنه، ثم أجاب عن سؤالها بعد الصلاة.

                                وقد اختلف السلف في هذا: فمنهم من رخص فيه، ومنهم من كرهه.

                                قال عبد الرزاق في " كتابه"، عن معمر ، عن ثابت ، عن أبي رافع ، قال: رأيت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وإن أحدهم ليشهد على الشهادة وهو قائم يصلي.

                                وعن ابن جريج ، عن عطاء ، في الرجل كان يصلي، فيمر به رجل، فيقول له: فعلت كذا وكذا ؟...، قال: ليتم صلاته، ثم ليسجد سجدتي السهو.

                                قال: وقلت لعطاء : أتكره كل شيء من الإيماء في المكتوبة، حتى أن يمر بي إنسان وأنا في المكتوبة، فقال: صليت الصلاة؟ كرهت أن أشير إليه برأسي، فأقول: نعم؟ قال: أكره كل شيء من ذلك، فقيل له: فإن كان في التطوع؟ فقال: إن كان شيئا لا بد منه، وأحب إلي أن لا تفعل.

                                قال: وقال إنسان لعطاء : يأتيني إنسان وأنا في المكتوبة، فيخبرني الخبر، فأستمع إليه؟ قال: ما أحبه، وأخشى أن يكون سهوا، إنما هي المكتوبة، فتفرغ لها حتى تفرغ منها.

                                [ ص: 525 ] ففرق عطاء بين المكتوبة وغيرها، فكرهه في المكتوبة، وقال في التطوع: إن كان شيئا لا بد منه، وأحب إلي أن لا يفعل، لم يكرهه.



                                الخدمات العلمية