الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                20295 ( قال الشيخ رحمه الله ) : فمن ذهب إلى هذا زعم أن هذا أيضا مذهب الشافعي - رحمه الله - ألا تراه قال في كتاب أدب القاضي : ذهب الناس من تأول القرآن ، والأحاديث ، والقياس أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها ، فتباينوا فيها تباينا شديدا ، واستحل فيها بعضهم من بعض بعض ما تطول حكايته ، وكل ذلك متقادم منه ما كان في عهد السلف وبعدهم إلى اليوم فلم نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدى به ، ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل ، وإن خطأه وضلله ، ثم ساق الكلام إلى أن قال : وشهادة من يرى الكذب شركا بالله ، أو معصية له يوجب عليها النار أولى أن تطيب النفس عليها من شهادة من يخفف المأثم فيها ( قالوا ) : والذي روينا عن الشافعي وغيره من الأئمة من تكفير هؤلاء المبتدعة فإنما أرادوا به كفرا دون كفر وهو كما قال الله عز وجل ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال ابن عباس : إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه ، إنه ليس بكفر ينقل عن ملة ولكن كفر دون كفر ( قال الشيخ ) رحمه الله : فكأنهم أرادوا بتكفيرهم ما ذهبوا إليه من نفي هذه الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه ، وجحودهم لها بتأويل بعيد ، مع اعتقادهم إثبات ما أثبت الله تعالى فعدلوا عن الظاهر بتأويل فلم يخرجوا به عن الملة ، وإن كان التأويل خطأ كما لم يخرج من أنكر إثبات المعوذتين في المصاحف كسائر السور من الملة لما ذهب إليه من الشبهة ، وإن كانت عند غيره خطأ ، والذي روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله: القدرية مجوس هذه الأمة إنما سماهم مجوسا لمضاهاة بعض ما يذهبون إليه مذاهب المجوس في قولهم بالأصلين ، وهما النور والظلمة ، يزعمون أن الخير من فعل النور ، وأن الشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية كذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى غيره ، والله تعالى خالق الخير والشر ، والأمران معا منضافان إليه خلقا ، وإيجادا وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلا واكتسابا ، هذا قول أبي سليمان الخطابي - رحمه الله - على الخير .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية