الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 33 ] صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين

                                                                                                                                                                                                                                      7 - صراط الذين أنعمت عليهم بدل من الصراط، وهو في حكم تكرير العامل. وفائدته: التأكيد والإشعار بأن الصراط المستقيم تفسيره صراط المسلمين; ليكون ذلك شهادة لصراط المسلمين بالاستقامة على أبلغ وجه، وآكده. وهم المؤمنون، أو الأنبياء عليهم السلام، أو قوم موسى قبل أن يغيروا.

                                                                                                                                                                                                                                      غير المغضوب عليهم ولا الضالين بدل من الذين أنعمت عليهم، يعني: أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من غضب الله والضلال، أو صفة للذين، يعني: أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة، وهي نعمة الإيمان، وبين السلامة من غضب الله والضلال. وإنما ساغ وقوعه صفة للذين، وهو معرفة، وغير لا يتعرف بالإضافة; لأنه إذا وقع بين متضادين، وكانا معرفتين، تعرف بالإضافة، نحو: عجبت من الحركة غير السكون، والمنعم عليهم والمغضوب عليهم متضادان، ولأن الذين قريب من النكرة; لأنه لم يرد به قوم بأعيانهم، وغير المغضوب عليهم قريب من المعرفة; للتخصيص الحاصل له بإضافته، فكل واحد منهما فيه إبهام من وجه، واختصاص من وجه، فاستويا. وعليهم الأولى- محلها النصب على المفعولية، ومحل الثانية الرفع على الفاعلية. وغضب الله: إرادة الانتقام من المكذبين، وإنزال العقوبة بهم، وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على ما تحت يده. وقيل: المغضوب عليهم هم اليهود; لقوله تعالى: من لعنه الله وغضب عليه [المائدة: 60]. والضالون: هم النصارى; لقوله تعالى: قد ضلوا من قبل [المائدة: 77] و "لا" زائدة عند البصريين للتوكيد، وعند الكوفيين هي بمعنى غير.

                                                                                                                                                                                                                                      "آمين": صوت سمي به الفعل الذي هو استجب، كما أن رويد اسم لأمهل. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى "آمين"، فقال: "افعل". وهو مبني، وفيه لغتان مد ألفه وقصرها، وهو الأصل، والمد بإشباع الهمزة، قال:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 34 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ويرحم الله عبدا قال آمينا



                                                                                                                                                                                                                                      وقال:


                                                                                                                                                                                                                                      آمين، فزاد الله ما بيننا بعدا



                                                                                                                                                                                                                                      قال صلى الله عليه وسلم: "لقنني جبريل آمين عند قراءة فاتحة الكتاب، وقال: إنه كالختم على الكتاب". وليس من القرآن بدليل أنه لم يثبت في المصاحف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية