الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم

                                                                                                                                                                                                                                      128 - " ويوم نحشرهم جميعا " وبالياء حفص، أي: واذكر " يوم [ ص: 537 ] نحشرهم " أو " ويوم نحشرهم " قلنا: يا معشر الجن يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس أضللتم منهم كثيرا، وجعلتموهم أتباعكم، كما تقول: استكثر الأمير من الجنود وقال أولياؤهم من الإنس الذين أطاعوهم، واستمعوا إلى وسوستهم، ربنا استمتع بعضنا ببعض أي: انتفع الإنس بالشياطين، حيث دلوهم على الشهوات، وعلى أسباب التوصل إليها، وانتفع الجن بالإنس حيث أطاعوهم، وساعدوهم على مرادهم في إغوائهم. وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا يعنون: يوم البعث، وهذا الكلام اعتراف بما كان منهم من طاعة الشياطين، واتباع الهوى، والتكذيب بالبعث، وتحسر على حالهم. قال النار مثواكم منزلكم خالدين فيها حال، والعامل معنى الإضافة، كقوله تعالى: أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين [الحجر: 66]. فمصبحين حال من هؤلاء، والعامل في الحال معنى الإضافة، إذ معناه: الممازجة والمضامة، والمثوى ليس بعامل; لأن المكان لا يعمل في شيء إلا ما شاء الله أي: يخلدون في عذاب النار الأبد كله إلا ما شاء الله إلا الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب السعير إلى عذاب الزمهرير. إن ربك حكيم فيما يفعل بأوليائه وأعدائه عليم بأعمالهم فيجزي كلا على وفق عمله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية