الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : له تعجيل كتابته وأنت غائب لا وكيل لك يدفعها للإمام ، ويعتق كالدين ، وإن حال نجم وله عليك مثله قاصدا إلا أن يفلس فيحاص غرماءك إلا أن يقاصد قبل قيامهم ، ولا يأخذ غرماؤه ما دفع لك إلا أن يكون [ ص: 285 ] من أموالهم فيأخذوه ويرق ، وإن لم يعلم ذلك عتق فإن قاطعك على ما بقي عليه بعبد فظهر مسروقا رجعت عليه بقيمته كالنكاح قاله مالك ، وقال ابن نافع : إن لم يكن له مال عاد مكاتبا كالمبيع يستحق ثمنه ، وقال أشهب : لا يرد عتقه إذا تمت حريته ، ويتبع بذلك ، قال مالك : وإن قاطعك على وديعة فاعترف يرد عتقه ، قال ابن القاسم وغيره : إن غر سيده بما لم يتقدم له فيه شبهة ملك رد عتقه ، وإلا مضى عتقه وأتبع بقيمة ذلك دينا ، وإن كان مديانا فليس له مقاطعة سيده ويبقى لا شيء عليه ; لأن الغرماء أحق من السيد ، فإن فعل لم يجز ، قال ابن يونس : اختلف في قوله : إن علم أنه من أموالهم هل يريد : أموالهم بعينها ، أو دفع وقد استغرق ما كان بيده : والذي أرى إن دفع وهو مستغرق الذمة فلهم رده ; لأنه تولد عن أموالهم ، ولذلك منع الحر من العتق والصدقة ، وإذا استغرقت الدين فكذلك يمنع من عتق نفسه ، وقد منعه من المقاطعة لحق الغرماء ، وقيل : إذا لم يعلم ذلك من أموالهم أم لا ، لم ينقض العتق ، ولو اعترف بذلك السيد فالقياس : نفوذ العتق ، ويرجع الغرماء على السيد بما قبض لإقراره أنهم أولى منه ، قال سحنون : فإن زعم أن كل ما كسبه المكاتب من عمل يده قبل عجزه فإنه للغرماء ; لأنه أحرزه عن سيده ، وفي الكتاب : إذا مات وترك مالا فغرماؤه أحق به ، ولا يحاصهم السيد بما قاطعه كما لا يحاص بالكتابة ، وإن عجز المكاتب وعليه دين بقي دين الناس في ذمته دون رقبته ; لأنه لم يأذن فيه السيد ، وإن كاتبته وعليه دين كتمه يسيرا بدأ بقضائه قبل الكتابة أو كثيرا تؤخر نجومه ، خيره في فسخ كتابته وتركها حتى يؤدي دينه ثم يستقبل نجومه ، قال اللخمي : إذا استحق ما أخذه السيد من كتابة أو قطاعة ، والمكاتب موسر غرم مثل ما أخذ من السيد له فيه شبهة أم لا أو معسرا ولا شبهة له فيه ، أجبر رد الكتابة إن رجي [ ص: 286 ] له مال وإلا رق وسقطت ، ولا يفعل الحق بالباطل ، أوله فيه شبهة ، أتبع في ذمته ولا يرد الكتابة ، قاله ابن القاسم ، ومحمل ذلك على أن السيد أعتقه عند دفع ذلك إليه ، وإلا رد عتقه ورق إن كان لا يرجى له مال إلا أن يكون الاستحقاق بعد أن طال أمره وواره الأحرار .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية