الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فأما بيع الحنطة المبلولة باليابسة أو الرطبة باليابسة يجوز في قول أبي حنيفة وفي قول محمد لا يجوز وذكر في نسخ أبي حفص قول أبي يوسف كقول أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وهو قوله الآخر فأما قوله الأول كقول محمد فأبو حنيفة مر على أصله وهو اعتبار المساواة في الكيل عند العقد ومحمد مر على أصله وهو اعتبار المماثلة في أعدل الأحوال كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث سعد رضي الله تعالى عنه وذلك لا يوجد في الحنطة الرطبة والمبلولة بعد الجفوف وأبو يوسف يقول القياس ما قاله أبو حنيفة ولكن تركت القياس في الرطب بالتمر للحديث والمخصوص [ ص: 187 ] من القياس بالأثر لا يلحق به إلا ما كان في معناه من كل وجه والحنطة الرطبة ليست في معنى الرطب من كل وجه فالرطوبة في الرطب مقصودة وفي الحنطة غير مقصودة بل هو عيب فلهذا أخذت فيه بالقياس وأبو حنيفة يقول تأويل الحديث إن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر نسيئة وقد نقل ذلك في بعض الروايات وفائدة قوله صلى الله عليه وسلم أينقص إذا جف أن الرطب إذا جف ينقص إلا أن يحل الأجل فلا يكون هذا التصرف مفيدا وكان السائل وصيا ليتيم فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك التصرف منفعة لليتيم باعتبار النقصان عند الجفوف فمنع الوصي منه على طريق الإشفاق لا على وجه بيان فساد العقد فأما الحنطة المبلولة بالمبلولة تجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لما قلنا ولا يجوز عند محمد

وكذلك الزبيب المنقع بالمنقع والتمر المنقع بالمنقع ومحمد يفرق بين هذه الفصول وبين بيع الرطب بالرطب فيقول هناك التفاوت يظهر بعد خروج البدلين عن الاسم الذي عقد به العقد فلا يكون ذلك تفاوتا في المعقود عليه وهذه الفصول تظهر التفاوت بعد الجفوف مع بقاء البدلين على الاسم الذي عقد به العقد فبهذا الحرف يتضح مذهبه في هذه الفصول ثم ذكر بيع الحنطة المقلية بغير المقلية وقد بينا الحكم فيه وأهل الأدب طعنوا عليه في هذا اللفظ فقالوا إنما يقال حنطة مقلوة فأما المقلية المبغضة يقال قلاه يقليه إذا أبغضه ولكنا نقول محمد كان فصيحا في اللغة إلا أنه رأى استعمال العوام هذا اللفظ في الحنطة ومقصوده بيان الأحكام لهم فاستعمل فيه اللغة التي هي معروفة عندهم وما كان يخفى عليه هذا الفرق

التالي السابق


الخدمات العلمية