الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2161 [ ص: 94 ] 19 - باب: من كلم موالي العبد أن يخففوا عنه من خراجه

                                                                                                                                                                                                                              2281 - حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - غلاما حجاما فحجمه، وأمر له بصاع أو صاعين، أو مد أو مدين، وكلم فيه فخفف من ضريبته. [انظر: 2102 - مسلم: 1577 - فتح: 4 \ 459]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر حديث أنس السالف: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما فحجمه، وأمر له بصاع أو صاعين، أو مد أو مدين، وكلم فيه فخفف من ضريبته.

                                                                                                                                                                                                                              وقد أسلفنا ذلك في باب ذكر الحجام، وباب: موكل الربا، فراجعه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أنه لا بأس أن يضرب الإنسان على عبده خراجا معلوما في الشهر، وأن يبلغ في ذلك وسع العبيد وطاقتهم، ولا يثقل عليهم؛ لأن التخفيف لا يكون إلا عن ثقل.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: الشفاعة للمديان في الوضيعة، وللعبد في الضريبة وإن كان ليس بالدين الثابت لكنه مطالب به مستعمل فيه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: استعمال العبد بغير إذن سيده إذا كان معرضا لذلك ومعروفا به.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: الحكم بالدليل؛ لأنه استدل على أنه مأذون له في العمل؛ لانتصابه له وعرض نفسه عليه. [ ص: 95 ]

                                                                                                                                                                                                                              ويجوز للحجام أن يأكل من كسبه، وكذا سيده، وقد سلفت مذاهب العلماء فيه، وإن كنا لا نحبه؛ لأنها صنعة رذيلة؛ قال الطحاوي : وفي إباحة الشارع أن يطعمه رقيقه وناضحه دليل أنه ليس بحرام، ألا ترى أن المال الحرام الذي لا يحل للرجل أكله لا يحل له أن يطعمه رقيقه ولا ناضحه، فثبت بذلك نسخ ما تقدم من نهيه، وهو النظر عندنا؛ لأنا رأينا الرجل يستأجر الرجل يفصد له عرقا أو ينزع له ضرسا، فيجوز ذلك، فكذلك تجوز الحجامة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال غيره: والدليل عليه قوله تعالى: قوا أنفسكم وأهليكم نارا [التحريم: 6] أي: جنبوهم ما يقول إليها مما يؤدي إلى سخطه، وذلك فرض على المخاطبين بهذه الآية، وقولهم: إنها صنعة رذيلة، فليست بأدنى من صنعة الكناس الذي ينقل الحش. وليست بحرام، فكذا هو، ولا نسلم أن الخبيث هو الحرام، بل قد يقع على الحلال قال تعالى: ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون [البقرة: 267] وكانوا يتصدقون بالحشف ورديء التمر فنزلت الآية.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية