الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[قبض على أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بمصر]

وفي ذي الحجة من هذه السنة: قبض على أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن اليازوري بمصر ، وعلى ثمانين من أصحابه ، وقررت عليه أموال عظيمة . وكتب خطه بثلاثة آلاف ألف دينار ، وأخذ من المختصين به ألوف ، وكان في ابتداء أمره قد حج وأتى المدينة ، وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقط على منكبه قطعة من الخلوق ، فقال أحد القوام: أيها الشيخ ، أبشرك بأمر ولي الحباء والكرامة إذا بلغت إليه ، أعلمك أنك تلي ولاية عظيمة ، وهذا الخلوق الذي وقع عليك شاهدها ، وهو دليل على علو منزلة من يسقط عليه .

فضمن له ما طلبه ، فلم يحل الحول حتى ولي الوزارة ، وأحسن إلى الرجل ، وتفقد [ ص: 22 ] الحرمين أحسن تفقد ، وكان من أصحاب أبي حنيفة ، وكان أبو يوسف القزويني يحكي سيرته ، ونفاق أهل العلم عليه ، وقال: إنه التقاني يوما وقد توجه إلى ديوانه ، فلما رآني وقف ووقف الناس لأجله ، وقال لي: إلى أين؟ فقلت: قصدتك لحوائج كلفني أقوام قضاءها . فقال: لا أبرح من مكاني حتى تذكرها . فجعلت أذكر له حاجة حاجة ، وهو يقول: نعم وكرامة ، حتى قال في الحاجة الأخيرة: السمع والطاعة ، ثم انفرد أمير كان معه بعد انصرافه فقال له: أي شيء أنت؟ فقلت: أنا لا شيء . فقال: لا شيء! يقول له الوزير: السمع والطاعة؟! فقال: أنا من أهل العلم . فقال: استكثر مما معك ، فإنه إذا كان في شخص أطاعته الملوك .

التالي السابق


الخدمات العلمية