الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[زلزلة بأنطاكية ، واللاذقية وطرابلس ، وصور]

وفي هذا الشهر: كانت زلزلة بأنطاكية ، واللاذقية ، وقطعة من بلاد الروم ، وطرابلس ، وصور ، وأماكن من الشام ، ووقع من سور طرابلس قطعة .

وورد الخبر بموت طغرلبك إلى بغداد من جهة السيدة [ابنة] الخليفة ليلة الأحد الرابع والعشرين من رمضان بأنه توفي في ثامن رمضان ، وشرى العيارون بهمذان فقتلوا العميد وسبعمائة رجل من أصحاب الشحنة ، وأحضروا المخانيث بالطبول والزمور ، وأكلوا نهارا وشربوا على القتلى ، وكانوا كذلك بقية الشهر .

ولما توفي طغرلبك بعث إلى عميد الملك الكندري ، وكان على سبعين فرسخا فجاء قبل أن يدفن ، وأخذ البيعة لسليمان بن داود بن أخي طغرلبك ، وكان طغرلبك قد نص عليه ، وحط من القلعة سبعمائة ألف دينار وكسرا ، وستة عشر ألف ثوب من ديباج ، وسقلاطون وسلاحا تساوى مائتي ألف دينار ففرقها على العسكر ، فسكن الناس ، ولم يبق لهم خوف إلا من الملك ألب أرسلان ، وهو محمد بن داود ، فإن العسكر مالوا إليه .

وانتشرت في هذه الأيام الأعراب في سواد بغداد وما حولها ، وقطعوا الطرقات ، وأخذوا ثياب الناس حتى في الزاهر وأطراف البلد ، واستاقوا من عقرقوف من الجواميس ما قيمته ألوف دنانير ، وتحدث الناس بما عليه مسلم بن قريش من دخول بغداد والجلوس في دار المملكة ، وحصار دار الخلافة ونهبها ، فانزعج الناس وتعرض مسلم للنواحي الخاصة جميعها ، وقرر على أهلها مالا ، ونهب من امتنع من ذلك ، ونهب المواشي والعوامل ، وامتنعت الزراعة إلا على المخاطرة ، وكثرت استغاثة أهل السواد [ ص: 83 ] على الأبواب العزيزة ، وخرج العسكر لمقاومته ، فبعث يعتذر [ويقول: أنا الخادم] وكان عميد الملك قد طالب الجهة الخليفية بجواهر كانت للسلطان معها ، وذكر زيادة قيمتها وحاجته إلى صرفها [إلى الغلمان] فأنكرت ذلك ، فاعترض نواحيها كذلك وأقطاعها ، ثم استظهر عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية