الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال : أمة في يدي رجل فولدت فادعى ولدها ، وقال لرجل هي أمتك زوجتنيها ، وصدقه الآخر ، ولا يعرف أن أصلها كان للآخر فالولد حر ثابت النسب من ذي اليد وأمه أم ، ولد له ; لأنها كانت في يده والظاهر أنها مملوكة فصحت دعوته وثبت للولد حقيقة الحرية ; وللأم حق الحرية بهذه الدعوة ، فهو بإقراره بعد ذلك أنها لغيره يريد إبطال الحق الثابت لها قبله فلا يقبل قوله في ذلك ، ولكن يضمن قيمتها للمقر ; لأن إقراره حجة في حقه ، وقد زعم أنها مملوكته احتبست عنده بالدعوة السابقة فيضمن قيمتها له ، ولو عرف أن أصلها كان للمقر له ثبت النسب منه ، وكانا مملوكين له ; لأن بدعوة النسب هنا لم تثبت الحرية فيها ، ولا في ولدها لكون الملك فيها ظاهرا لغير المستولد ، وإن كان الأصل لا يعرف لهذا فقال هذا : بعتكها ، وقال أب الولد : زوجتني ضمن أب الولد قيمتها ; لأن احتباسها عنده لم يكن بإقرار المقر له بالبيع .

( ألا ترى ) أنه ، وإن أنكر ذلك لم يكن له عليه أو لا على ولدها سبيل بثبوت أمية الولد بالدعوة السابقة فلهذا ضمن أب الولد قيمتها ، ولم يضمن العقر ; لأنه وطئ ملك نفسه ; ولأنه ضمن جميع بدل النفس ، وكذلك لو قال أب الولد بعتني هذه الجارية [ ص: 151 ] وقال الآخر بل زوجتك فهذا والأول سواء لما بينا ، وإن كان يعرف أن الأصل لهذا فإنه يأخذ الأم وولدها مملوكين ما خلا خصلة واحدة ، وهي أن تقر بأنه باعها منه فحينئذ لا سبيل له عليها لإقراره بخروجها عن ملكه بالبيع ، ولا يغرم أب الولد القيمة في هذا الفصل ; لأن احتباسها بإقرار المقر له ببيعها .

( ألا ترى ) أنه لو أنكر ذلك لم يمكن من أخذها ، وأخذ ولدها فلهذا لا يضمن أب الولد القيمة ، ولكن عليه العقر لما بينا فيما سبق ، وكانت هي بمنزلة أم الولد موقوفة لإقرار مولاها بذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية