الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن قال كذا من كذا بأن قال غصبت منديلا من غلامه أو سرجا من دابته كان إقرارا بالغصب في الأول خاصة ; لأن كلمة من للتبعيض فإنه يفهم منه الانتزاع فعلى أنه انتزع ما أقر بغصبه أولا من ملكه .

( ألا ترى ) أنه يقول منديلا من رأسه أو ثوبا من بدنه فلا يفهم الإقرار بغصب الثوب والمنديل وكذلك لو قال كذا علي يجوز أن يقول غصبته إكافا على حماره فيكون إقرارا بغصب الإكاف خاصة ، والحمار مذكور لبيان محل المغصوب حين أخذه وغصب الشيء من محل [ ص: 193 ] لا يكون مقتضيا غصب المحل ولو قال كذا في كذا وإن كان الثاني مما يكون وعاء للأول كالماء نحو ثوب في منديل أو طعام في سفينة وما أشبه ذلك ; لأن " في " حقيقة للظرف فهو مخبر بأن الثاني كان ظرفا للأول مع غصبه ولن يكون ذلك إلا إذا كان غصبه لهما وكذلك قوله تمرا في قوصرة أو حنطة في جوالق وإن كان الثاني هو مما لا يكون وعاء للأول نحو قوله غصبتك درهمين في درهم لم يلزمه الثاني ; لأنه غير صالح أن يكون ظرفا لما أقر بغصبه أولا فلغي آخر كلامه فإن ( قيل ) كان ينبغي أن يجعل حرف " في " بمعنى حرف " مع " ; لأن الكلام معمول بمجازه عند تعذر العمل بحقيقته قال الله تعالى { فادخلي في عبادي } ( قلنا ) إذا آل الأمر إلى المجاز فكما يحتمل معنى " مع " يحتمل معنى " على " قال الله تعالى { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي على جذوع النخل فإن حمل عليه لم يلزم الثاني وإن حمل على معنى " مع " لزمه والذمة في الأصل بريئة فلا يجوز شغلها بالشك .

التالي السابق


الخدمات العلمية