الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
483 - ( 14 ) - قوله : حيث ورد الشرع بالتطويل بالقنوت ، أو في صلاة [ ص: 13 ] التسبيح أما القنوت فتقدم .

أما صلاة التسبيح ; فرواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة كلهم ، عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، عن موسى بن عبد العزيز ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس : يا عباس ; يا عماه ; ألا أمنحك ألا أحبوك . . . }. الحديث بطوله وصححه أبو علي بن السكن والحاكم ، وادعى أن النسائي أخرجه في صحيحه ، عن عبد الرحمن بن بشر ، قال : وتابعه إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن موسى . وأن ابن خزيمة رواه عن محمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن الحكم بن أبان ، عن أبيه مرسلا ، وإبراهيم ضعيف . قال المنذري : وفي الباب عن أنس ، وأبي رافع ، وعبد الله بن عمرو ، وغيرهم . وأمثلها حديث ابن عباس .

قلت : وفيه عن الفضل بن عباس . فحديث أبي رافع رواه الترمذي . وحديث عبد الله بن عمرو رواه الحاكم وسنده ضعيف . وحديث أنس رواه الترمذي أيضا وفيه نظر ; لأن [ ص: 14 ] لفظه لا يناسب ألفاظ صلاة التسبيح وقد تكلم عليه شيخنا في شرح الترمذي . وحديث الفضل بن العباس ذكره الترمذي . وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أبو داود . قال الدارقطني : أصح شيء في فضائل سور القرآن : { قل هو الله أحد } ، وأصح شيء في فضل الصلاة : صلاة التسبيح . وقال أبو جعفر العقيلي : ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت . وقال أبو بكر بن العربي : ليس فيها حديث صحيح ، ولا حسن . وبالغ ابن الجوزي فذكره في الموضوعات . وصنف أبو موسى المديني جزءا في تصحيحه ، فتباينا ، والحق أن طرقه كلها ضعيفة . وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن ; إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه ، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر ، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات ، وموسى بن عبد العزيز ، وإن كان صادقا صالحا فلا يحتمل منه هذا التفرد . وقد ضعفها ابن تيمية ، والمزي ، وتوقف الذهبي . حكاه ابن عبد الهادي عنهم في أحكامه ، وقد اختلف كلام الشيخ محيي الدين فوهاها في شرح المهذب ; فقال : حديثها ضعيف ، وفي استحبابها عندي نظر ; لأن فيها تغييرا لهيئة الصلاة المعروفة ، فينبغي ألا تفعل وليس حديثها بثابت . وقال في تهذيب الأسماء واللغات : قد جاء في صلاة التسبيح حديث حسن في كتاب الترمذي ، وغيره .

وذكره المحاملي وغيره من أصحابنا : وهي سنة حسنة . ومال في الأذكار أيضا إلى استحبابه . قلت : بل قواه واحتج له . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية