الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3468 14-باب السلف في شيء ثم يحول إلى غيره

                                                              400 \ 3322 - عن عطية بن سعد، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره ".

                                                              وأخرجه ابن ماجه ، وعطية بن سعد لا يحتج بحديثه.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله:اختلف الفقهاء في حكم هذا الحديث، وهو جواز أخذ غير المسلم فيه عوضا عنه وللمسألة صورتان:

                                                              إحداهما: أن يعاوض عن المسلم فيه مع بقاء عقد السلم، فيكون قد باع دين السلم قبل قبضه.

                                                              والصورة الثانية: أن ينفسخ العقد بإقالة أو غيرها.

                                                              فهل يجوز أن يصرف الثمن في عوض آخر غير المسلم فيه ؟

                                                              فأما المسألة الأولى: فمذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد - في المشهور عنه - أنه لا يجوز بيعه قبل قبضه، لا لمن هو في ذمته ولا لغيره،

                                                              وحكى بعض أصحابنا ذلك إجماعا.

                                                              وليس بإجماع، فمذهب مالك جوازه، وقد نص عليه أحمد في غير موضع، وجوز أن يأخذ عوضه عرضا بقدر قيمة دين السلم وقت الاعتياض ولا يربح فيه.

                                                              [ ص: 483 ] وطائفة من أصحابنا خصت هذه الرواية بالحنطة والشعير فقط كما قال في المستوعب: ومن أسلم في شيء لم يجز أن يأخذ من غير جنسه بحال في إحدى الروايتين.

                                                              والأخرى: يجوز أن يأخذ ما دون الحنطة من الحبوب، كالشعير ونحوه، بمقدار كيل الحنطة لا أكثر منها، ولا بقيمتها، نص عليه في رواية أبي طالب إذا أسلفت في كر حنطة فأخذت شعيرا فلا بأس، وهو دون حقك ولا يأخذ مكان الشعير حنطة.

                                                              وطائفة ثالثة من أصحابنا جعلت المسألة رواية واحدة، وأن هذا النص بناء على قوله في الحنطة والشعير أنهما جنس واحد، وهي طريقة صاحب المغني.

                                                              وطائفة رابعة من أصحابنا: حكوا رواية مطلقة في المكيل والموزون وغيره.

                                                              ونصوص أحمد تدل على صحة هذه الطريقة وهي طريقة أبي حفص العكبري وغيره.

                                                              قال القاضي: نقلت من خط أبي حفص في مجموعه: فإن كان ما أسلم فيه مما يكال أو يوزن، فأخذ من غير نوعه مثل كيله مما هو دونه في الجودة جاز، وكذلك إن أخذ بثمنه مما لا يكال ولا يوزن كيف شاء.

                                                              ونقل أبو القاسم عن أحمد قلت لأبي عبد الله: إذا لم يجد ما أسلم [ ص: 484 ] فيه، ووجد غيره من جنسه أيأخذه ؟ قال: نعم إذا كان دون الشيء الذي له، كأنما أسلم في قفيز حنطة موصلي فقال يأخذ مكانه سلتا، أو قفيز شعير بكيلة واحدة لا يزداد وإن كان فوقه فلا يأخذ، وذكر حديث ابن عباس رواه طاوس عنه " إذا أسلمت في شيء فجاء الأجل فلم تجد الذي أسلمت فيه فخذ عوضا بأنقص منه، ولا تربح مرتين ".

                                                              ونقل أحمد بن أصرم سئل أحمد عن رجل أسلم في طعام إلى أجل، فإذا حل الأجل يشتري منه عقارا أو دارا ؟ فقال نعم، يشتري منه ما لا يكال ولا يوزن.

                                                              [ ص: 485 ] وقال حرب: سألت أحمد فقلت رجل أسلم إلى رجل دراهم في بر، فلما حل الأجل لم يكن عنده بر؟ فقال: قوم الشعير بالدراهم فخذ من الشعير؟ فقال لا يأخذ منه الشعير إلا مثل كيل البر أو أنقص.




                                                              الخدمات العلمية