الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 319 - 321 ] والبداءة بالثناء ، ثم بالصلاة سنة الدعاء ، ولا يستغفر للصبي ، ولكن يقول : اللهم اجعله لنا فرطا ، واجعله لنا أجرا وذخرا ، واجعله لنا شافعا مشفعا ( ولو ) ( ( كبر الإمام تكبيرة أو تكبيرتين لا يكبر الآتي حتى يكبر أخرى بعد حضوره ) عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ، وقال أبو يوسف : يكبر حين يحضر ; لأن الأولى للافتتاح والمسبوق يأتي به ، ولهما أن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة . [ ص: 322 ] والمسبوق لا يبتدئ بما فاته ، إذ هو منسوخ ، ولو كان حاضرا فلم يكبر مع الإمام لا ينتظر الثانية بالاتفاق لأنه بمنزله المدرك .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : والبداءة بالثناء ، ثم بالصلاة ; لأنها سنة الدعاء . قلت : أخرجه أبو داود والنسائي في " الصلاة " والترمذي في " الدعوات " عن حيوة بن شريح عن أبي هانئ عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد ، قال : { سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو لم يمجد الله ، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجل هذا ، ثم دعاه ، فقال له : إذا صلى أحدكم ، فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعده بما شاء }. انتهى قال الترمذي : حديث حسن صحيح ورواه ابن حبان في " صحيحه " ، والحاكم في " المستدرك " ، وقال صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجه . انتهى

                                                                                                        واعلم أن نسخ السنن مختلفة في هذا اللفظ : لم يحمد الله ، ولم يمجد الله ، وقوله : فليبدأ بتمجيد الله وتحميد الله ، والأقرب أنه بتحميد الله ، فإن القاضي عياضا في " الشفا " ساقه من طريق الترمذي ، وقال فيه : بتحميد الله ، قال : وروي من غير هذا السند : بتمجيد الله ، وهو أصح . انتهى . [ ص: 322 ]

                                                                                                        قوله : والمسبوق لا يبتدئ بما فاته ، إذ هو منسوخ ، قلت : روي مسندا ومرسلا ، فالمسند روي من حديث معاذ ، ومن حديث أبي أمامة فحديث معاذ : أخرجه أبو داود في " سننه في الأذان " عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال ، قال وحدثنا أصحابنا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين واحدة ، حتى لقد هممت أن أبث رجالا في الدور ينادون الناس لحين الصلاة ، إلى أن قال : فقال عمر : أما إني قد رأيت مثل الذي رأى ، لكن لما سبقت استحييت ، قال : حدثنا أصحابنا ، قال : كان الرجل إذا جاء يسأل ، فيخبر بما سبق من صلاته ، وأنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل }.

                                                                                                        قال ابن المثنى : قال عمرو : وحدثني بها حصين عن ابن أبي ليلى ، حتى { جاء معاذ ، فأشار إليه ، فقال معاذ : لا أراه على حال إلا كنت عليها ، قال : فقال عليه السلام : إن معاذا قد سن لكم سنة ، كذلك فافعلوا } ، مختصر ، قال الحازمي في " كتابه الناسخ والمنسوخ " : قال المزني : معنى قوله : إن معاذا قد سن لكم ، يحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام أمر أن يستن بهذه السنة ، فوافق ذلك فعل معاذ ، فإن بالناس حاجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يسن ، وليس بالناس حاجة إلى غيره . انتهى .

                                                                                                        وكذلك نقله البيهقي في " المعرفة " عن المزني رحمه الله ، وكذلك رواه الإمام أحمد في " مسنده " والطبراني في " معجمه " عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن { معاذ ، قال : كان الناس على عهده عليه السلام ، إذا سبق الرجل ببعض صلاته ، سألهم فأومئوا إليه بالذي سبق به ، فيبدأ ليقضي ما سبق ، ثم يدخل مع القوم ، فجاء معاذ ، والقوم قعود في صلاتهم ، فقعد ، فلما فرغ عليه الصلاة والسلام ، قام ، فقضى ما كان سبق به ، فقال عليه الصلاة والسلام : قد سن لكم معاذ فاقتدوا به ، إذا جاء أحدكم ، وقد سبق بشيء من الصلاة ، فليصل مع الإمام بصلاته ، فإذا فرغ الإمام ، فليقض ما سبق به }. انتهى .

                                                                                                        وفي سماع ابن أبي ليلى من معاذ نظر ، تقدم في " الأذان " .

                                                                                                        [ ص: 323 ] وأما حديث أبي أمامة ، فأخرجه الطبراني في " معجمه " عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة ، قال : { كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سبق الرجل ببعض صلاته سأله ، فأومئوا إليه بالذي سبق به ، فيبدأ ، فيقضي ما سبق به ، ثم يدخل مع القوم ، فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم ، فقعد ، فلما فرغ عليه السلام ، قام ، فقضى ما كان سبق به ، فقال عليه الصلاة والسلام : قد سن لكم معاذ ، فاقتدوا به ، إذا جاء أحدكم } ، الحديث . وسنده ضعيف وأما المرسل ، فله وجهان : أحدهما : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : { كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الرجل ، وقد فاته شيء من الصلاة ، أشار إليه الناس فصلى ما فاته ، ثم دخل في الصلاة ، حتى جاء يوما معاذ بن جبل ، فأشار إليه ، فدخل ولم ينتظر ما قالوا فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا له ، فقال : قد سن لكم معاذ ، فاقبلوا }. انتهى الوجه الآخر : رواه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي ، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن { عطاء بن أبي رباح ، قال : الرجل إذا جاء ، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من صلاته ، سأل ، فإذا أخبر بشيء سبق به صلى الله عليه وسلم صلى الذي سبق به ، ثم دخل معهم في الصلاة ، فأتى ابن مسعود ، فدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل ، فلما فرغ عليه الصلاة والسلام ، قام ابن مسعود ، فقضى ما بقي عليه ، فقال عليه السلام : إن ابن مسعود قد سن لكم سنة فاتبعوها }. انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : وقد رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فجعل القصة في معاذ ، ثم أخرجه كذلك ، قال : والدليل على ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجاه في " الصحيحين " عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها ، وعليكم السكينة والوقار ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم ، فأتموا ، أو فاقضوا }. انتهى .

                                                                                                        وينبغي أن ينظر في حديث المغيرة بن شعبة ، وصلاة النبي عليه السلام خلف عبد الرحمن بن عوف الصبح ، أخرجوه إلا الترمذي مختصرا ومطولا ، وفي لفظ أحمد : فصلينا معه التي أدركنا ، ثم قضينا التي سبقنا بها .




                                                                                                        الخدمات العلمية