الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 323 - 324 ] قال : ( ويقوم الذي يصلي على الرجل والمرأة بحذاء الصدر ) لأنه موضع القلب ، وفيه نور الإيمان ، فيكون القيام عنده إشارة إلى الشفاعة لإيمانه .

                                                                                                        وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ، ومن المرأة بحذاء وسطها ، لأن أنسا رضي الله عنه فعل كذلك وقال : هو السنة ، قلنا : تأويله أن جنازتها لم تكن منعوشة فحال بينها وبينهم . ( فإن صلوا على جنازة ركبانا أجزأهم في القياس ) لأنها دعاء ، وفي الاستحسان لا تجزئهم ، لأنها صلاة من وجه لوجود التحريم ، فلا يجوز تركه من غير عذر احتياطا . ( ولا بأس بالإذن في صلاة الجنازة ) لأن التقدم حق الولي فيملك إبطاله بتقديم غيره ، وفي بعض النسخ لا بأس بالآذان أي الإعلام ، وهو أن يعلم بعضهم بعضا ليقضوا حقه .

                                                                                                        [ ص: 324 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 324 ] قوله : وعن أبي حنيفة أنه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ، ومن المرأة بحذاء وسطها ; لأن أنسا فعل كذلك ، وقال : هو السنة ، قلنا : تأويله إن جنازتها لم تكن منعوشة ، فحال بينها وبينهم ، قلت : أخرجهأبو داود والترمذي وابن ماجه عن نافع أبي غالب ، قال : كنت في سكة المربد فمرت جنازة معها ناس كثير ، قالوا : جنازة عبد الله بن عمر فتبعتها ، فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق ، وعلى رأسه خرقة تقيه من الشمس ، فقلت : من هذا الدهقان ؟ قالوا : أنس بن مالك ، قال : فلما وضعت الجنازة ، قام أنس ، فصلى عليها ، وأنا خلفه ، لا يحول بيني وبينه شيء ، فقام عند رأسه ، وكبر أربع تكبيرات ، لم يطل ، ولم يسرع ، ثم ذهب يقعد ، فقالوا : يا أبا حمزة ، المرأة الأنصارية ، فقربوها ، وعليها نعش أخضر ، فقام عند عجيزتها ، فصلى عليها نحو صلاته على الرجل ، ثم جلس ، فقال العلاء بن زياد : يا أبا حمزة ، هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر عليها أربعا ، ويقوم عند رأس الرجل ، وعجيزة المرأة ؟ قال : نعم ، إلى أن قال : قال أبو غالب : فسألت عن صنيع أنس في قيامه على المرأة عند عجيزتها ، فحدثوني أنه إنما كان ; لأنه لم تكن النعوش ، وكان يقوم الإمام حيال عجيزتها يسترها من القوم .

                                                                                                        مختصر من لفظ أبي داود ، [ ص: 325 ] ولفظ الترمذي وابن ماجه عن أبي غالب ، قال : رأيت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل ، فقام حيال رأسه فجيء بجنازة أخرى ، فقالوا : يا أبا حمزة ، صل عليها ، فقام حيال وسط السرير ، فقال العلاء بن زياد : يا أبا حمزة ، هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من الجنازة مقامك من الرجل ، وقام من المرأة مقامك من المرأة ؟ قال : نعم ، فأقبل علينا العلاء بن زياد ، فقال : احفظوا . انتهى وبهذا اللفظ رواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " ونافع أبو غالب الباهلي الخياط البصري ، قال ابن معين : صالح ، وقال أبو حاتم : شيخ ، وذكره ابن حبان في الثقات ، والله أعلم . قال النووي في " الخلاصة " : وقع عند أبي داود أن المرأة أنصارية ، وعند الترمذي أنها قرشية ، ولعلها كانت من قريش ، و [ بالحلف ] من الأنصار ، أو عكسه ، والله أعلم . انتهى كلامه .

                                                                                                        حديث للخصوم رواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث { سمرة بن جندب ، قال : صليت وراء النبي عليه السلام على امرأة ماتت في نفاسها ، فقام عليها للصلاة وسطها }. انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية