الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزو الصغد

وفي هذه السنة عبر سعيد خذينة النهر وغزا الصغد ، ( وكانوا قد نقضوا العهد وأعانوا الترك على المسلمين ، فقال الناس لسعيد : إنك قد تركت الغزو ، وقد أغار الترك ، وكفر أهل الصغد . فقطع النهر ، وقصد الصغد ) ، فلقيه الترك وطائفة من الصغد ، فهزمهم المسلمون ، فقال سعيد : لا تتبعوهم ، فإن الصغد بستان أمير المؤمنين وقد هزمتموهم ، أفتريدون بوارهم ؟ وقد قاتلتم يا أهل العراق الخلفاء غير مرة ، فهل أبادوكم ؟ وقال سورة بن الحر لحيان النبطي : ارجع عنهم يا حيان . قال : عقيرة الله لا أدعها . قال : انصرف يا نبطي . قال : أنبط الله وجهك !

وسار المسلمون فانتهوا إلى واد بينهم وبين المرج ، فقطعه بعضهم وقد أكمن لهم الترك ، فلما جاءهم المسلمون خرجوا عليهم ، فانهزم المسلمون حتى انتهوا إلى الوادي ، فصبروا حتى انكشفوا لهم . وقيل : بل كان المنهزمون مسلحة المسلمين ، فما شعروا إلا والترك قد خرجوا عليهم من غيضة ، وعلى الخيل شعبة بن ظهير ، فأعجلهم الترك عن الركوب ، فقاتلهم شعبة ، فقتل ، وقتل نحو من خمسين رجلا ، وانهزم أهل المسلحة ، وأتى المسلمين الخبر ، فركب الخليل بن أوس العبشمي أحد بني ظالم ونادى : يا بني تميم إلي أنا الخليل ! فاجتمع معه جماعة ، فحمل بهم على العدو ، فكفوهم حتى جاء الأمير والناس ، فانهزم العدو ، فصار الخليل على خيل بني تميم حتى ولي نصر بن سيار ، ثم صارت رياستهم لأخيه الحكم بن أوس .

فلما كان العام المقبل بعث رجالا من تميم إلى وزغيش ، فقالوا : ليتنا نلقى العدو [ ص: 143 ] فنطاردهم . وكان سعيد إذا بعث سرية ، فأصابوا أو غنموا وسبوا رد السبي وعاقب السرية ، فقال الهجري الشاعر :


سريت إلى الأعداء تلهو بلعبة وأيرك مسلول وسيفك مغمد     وأنت لمن عاديت عرس خفية
وأنت علينا كالحسام المهند

فقعد سعيد على الناس وضعفوه . وكان رجل من بني أسد يقال له : إسماعيل منقطعا إلى مروان بن محمد ، فذكر إسماعيل عند خذينة مودته لمروان ، فقال خذينة : وما ذاك الملط ؟ فقال إسماعيل :


زعمت خذينة أنني ملط     لخذينة المرآة والمشط
ومجامر ومكاحل جعلت     ومعازف وبخدها نقط
أفذاك أم زغف مضاعفة     ومهند من شأنه القط
لمقرس ذكر أخي ثقة     لم يغذه التأنيث واللقط

في أبيات غيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية