الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثالث وهو من تجب له الشفعة فهو الخليط في الملك المبيع دون الجار ، وقد مضى الكلام مع أبي حنيفة في شفعة الجوار ، وإذا كان كذلك فلا فرق بين أن يكون الخليط وافر السهم وبين أن يكون قليل السهم حتى لو خالط بسهم من ألف سهم استحق به الشفعة ، وإن كان الخلطاء عددا ، كانت بينهم على ما سنذكره ، ولا فرق في خليط المالك إذا استقر ملكه بين أن يملك حصته بابتياع ، أو ميراث ، أو وصية ، أو هبة من بائع الشقص ، أو من غيره ؛ لأنه مالك قد يستضر بسوء المشاركة ويتأذى بمئونة المقاسمة . وأما إن كانت حصة الخليط وقفا نظر في الوقف .

                                                                                                                                            فإن كان عاما كالوقف على الفقراء ، والمساكين ، أو على خاص لا يملك كالوقف على جامع ، أو مسجد فلا يستحق به شفعة في المبيع .

                                                                                                                                            وإن كان خاصا على مالك كالوقف على رجل بعينه ، أو على جماعة بأعيانهم فلا يملك به الواقف شفعة لزوال ملكه عن الموقف فأما الموقوف عليه فقد اختلف قول الشافعي - رضي الله عنه - هل يكون مالكا لرقبة الوقف أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يكون مالكا لرقبته وإنما يكون مالكا لغلته ، فعلى هذا لا شفعة له لعدم ملكه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يكون مالكا لرقبة الوقف ، فعلى هذا في استحقاقه للشفعة به وجهان : أحدهما : يستحق به الشفعة لثبوت ملكه ، واستضراره بسوء المشاركة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا شفعة له ؛ لأنه ليس بتام الملك ، ولا مطلق التصرف . ثم الشفعة تجب للأب على ابنه وللابن على أبيه وللرجل على زوجته وللمرأة على زوجها وللسيد على مكاتبه [ ص: 235 ] وللمكاتب على سيده ولا يستحقها السيد على عبده ، ولا على مدبره ، ولا على أم ولده ، ولا يستحقها أحدهم على سيده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية