الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن أراد النقلة من بلد إلى بلد ، وأخذ إحداهن معه ، والأخرى مع غيره ، لم يجز إلا بقرعة ، ومتى سافر بها بقرعة لم يقض ، وإن كان بغير قرعة ، لزمه القضاء للأخرى ، وإن امتنعت من السفر معه ، أو من المبيت عنده ، أو سافرت بغير إذنه - سقط حقها من القسم ، وإن أشخصها هو ، فهي على حقها من ذلك ، وإن سافرت لحاجتها بإذنه ، فعلى وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن أراد النقلة من بلد إلى بلد وأخذ إحداهن معه والأخرى مع غيره ، لم يجز إلا بقرعة ) وجملته أن الزوج إذا أراد النقلة بنسائه إلى بلد آخر وأمكنه استصحاب الكل في سفره ، فعلى ذلك ليس له إفراد إحداهن به; لأن هذا السفر لا يختص بواحدة ، فإن خص بعضهن قضى للباقيات كالحاضر ، وإن شق عليه صحبة الجميع ، وبعث بهن جميعا مع غيره ممن هو محرم لهن - جاز بغير قرعة ، فإن أفرد بعضهن بالسفر معه لم يجز إلا بقرعة ، وهي مسألة المتن ، ومتى سافر بأكثر من واحدة سوى بينهن كالحضر ، فإذا وصل البلد الذي انتقل إليه ، فأقامت معه فيه قضى للباقيات مدة كونها معه في البلد خاصة; لأنه صار مقيما ( ومتى سافر بها بقرعة لم يقض ) أي : للحاضرات بعد قدومه في قول أكثرهم; لحديث عائشة ، ولم يذكر قضاء ; ولأن المسافرة اختصت بمشقة السفر ، فاختصت بالقسم ( وإن كان بغير قرعة لزمه القضاء للأخرى ) ; لأنه خص بعضهن بمدة على وجه يلحقه التهمة فيه ، فلزمه القضاء كما لو كان حاضرا ، وعلى هذا يقضي مدة غيبته ما لم تكن الضرة رضيت بسفرها ، وينبغي أن يقضي منها ما أقام منها لمبيت ونحوه ، ويقضي مع قرعة ما تعقبه السفر أو تخلله من إقامة .

                                                                                                                          تنبيه : إذا خرجت القرعة لإحداهن لم يجب عليه السفر بها ، وله تركها [ ص: 209 ] والسفر وحده; لأن القرعة إنما تعين من يستحق التقديم; ولهذا يمنع من السفر بغيرها ، وإن أبت السفر معه سقط حقها إذا رضي الزوج ، وإن أبى فله إكراهها على السفر معه ، فإن رضي الزوجات بسفر واحدة من غير قرعة جاز ، ولا فرق بين السفر الطويل والقصير; لعموم الخبر والمعنى ، ذكره في " الشرح " وغيره ، وذكر القاضي احتمالا ، أنه يقضي للبواقي في السفر القصير ، وجوابه : بأنه سافر بها بقرعة ، فلم يقض كالطويل ( وإن امتنعت من السفر معه ، أو من المبيت عنده ، أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم ) بغير خلاف نعلمه; لأنها عاصية بمنع نفسها منه ، فيسقط حقها كالناشزة ، وكذا لا نفقة لها ، قاله في " الرعاية " و " الفروع " ، وقيل : يجب لها النفقة بالوطء ( وإن أشخصها هو ) بأن بعثها في حاجة أو أمرها بالنقلة من بلدها ، ذكره في " المغني " و " الشرح " ( فهي على حقها من ذلك ) أي : من القسم والنفقة; لأنه ما فات بسبب من جهتها ، وإنما فات بتفويته ، فلم يسقط حقها ، كما لو أتلف المشتري المبيع لم يسقط حق البائع من تسليم ثمنه إليه ، فعلى هذا يقضي لها بحسب ما أقام عند ضرتها ، وإن سافرت معه فهي على حقها منهما جميعا ( وإن سافرت لحاجتها ) كسفرها لزيارة أو حج تطوع أو عمرة ( بإذنه فعلى وجهين ) أحدهما : يسقطان ، ذكره الخرقي والقاضي; لأن القسم للأنس ، والنفقة للتمكين ، وقد تعذر ذلك بسبب من جهتها ، والثاني : لا يسقطان ، ذكره أبو الخطاب; لأنها سافرت بإذنه ، أشبه ما لو سافرت معه ، وقيل : يسقط القسم وجها واحدا; لأنه لو سافر عنها لسقط قسمها ، والتعذر من جهته ، فإذا تعذر من جهتها كان أولى .




                                                                                                                          الخدمات العلمية