الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4348 باب: في الانتهاء عما نهى عنه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وترك الاختلاف عليه في المسألة

                                                                                                                              وهو في النووي، في: (باب وجوب اتباعه، صلى الله عليه وآله وسلم).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص109 جـ 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب قالا: كان أبو هريرة يحدث أنه سمع رسول الله صلى [ ص: 161 ] الله عليه وسلم يقول ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة) رضي الله عنه: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، يقول: ما نهيتكم عنه، فاجتنبوه) هذا على إطلاقه. فإن وجد عذر يبيحه، كأكل الميتة عند الضرورة، أو التلفظ بكلمة الكفر، إذا أكره، ونحو ذلك: فهذا ليس منهيا عنه في هذا الحال. والله أعلم.

                                                                                                                              (وما أمرتكم به، فافعلوا منه ما استطعتم).

                                                                                                                              قال النووي: هذا الحديث؛ من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكلم التي أعطيها، صلى الله عليه وآله وسلم. ويدخل فيه: مالا يحصى من الأحكام؛ كالصلاة بأنواعها. فإذا عجز عن بعض أركانها، أو بعض شروطها: أتى بالباقي. وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء، أو الغسل: غسل الممكن. وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء، لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن. وأشباه هذا: غير منحصرة. وهي مشهورة في كتب الفقه. والمقصود: التنبيه على أصل ذلك.

                                                                                                                              [ ص: 162 ] قال: وهذا الحديث، موافق لقول الله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم . وأما قوله تعالى: اتقوا الله حق تقاته ففيها مذهبان؛ أحدهما: أنها منسوخة بالآية الأولى.

                                                                                                                              الثاني، وهو الصحيح، أو الصواب، وبه جزم المحققون: أنها ليست بمنسوخة: بل الأولى مفسرة لها، ومبينة للمراد بها.

                                                                                                                              قالوا: "وحق تقاته"، هو امتثال أمره، واجتناب نهيه. ولم يأمر سبحانه وتعالى إلا بالمستطاع. قال تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها . وقال: وما جعل عليكم في الدين من حرج .

                                                                                                                              (فإنما أهلك الذين من قبلكم: كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم).

                                                                                                                              فيه: بيان هلاك الأمم السالفة، بسبب كثرة السؤال، والاختلاف على الأنبياء. وهذا يفيد النهي عن ذلك كله. وهكذا ينبغي ترك السؤال بعد عصره، صلى الله عليه وآله وسلم، إلا لضرورة تدعو إليه، في مسألة من الدين. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية